ما الذي حدث؟
في يوم الأحد 6 يونيو 2021، لقى أربعة أفراد من أسرة مسلمة مصرعهم، في مدينة لندن بمقاطعة أونتاريو. الناجي الوحيد من الأسرة هو صبي في التاسعة من عمره. تعتقد الشرطة الكندية أن المهاجم، شخص يُدعى ناثانيل فيلتمان، نفّذ هجومًا متعمداً بسيارة. ونجحت الشرطة في إلقاء القبض على فيلتمان، 20 عامًا، في مركزٍ تجارى يقع على بعد حوالي ستة كيلومترات من مسرح الجريمة، دون وقوع مشكلات.
ووجهت السلطات المختصة لفيلتمان، حتى الآن، أربع تهم بالقتل، وتهمة واحدة بالشروع في القتل. ويعتبر هذا الهجوم هو الأسوأ ضد المسلمين الكنديين، منذ مقتل ستة أشخاص في مسجد في مدينة كيبيك في عام 2017. ولم يُعرف بعد ما إذا كان المشتبه فيه له علاقة بأي جماعات كراهية، وفقًا للشرطة.
أهمية اختيار الكلمات
يجسّد هذا النوع من الهجوم أهمية اختيار الكلمات عند التعامل مع التشدد والتطرف. فليس جميع السياسيين يسمون الأحداث والظواهر الاجتماعية بأسمائها. وعندما يحدث هذا، يصبح الشكل مضمونًا.
وكان رئيس حكومة أونتاريو دوج فورد من بين أولئك الذين لم يترددوا في الحديث عن الكراهية والإسلاموفوبيا، ورثى الضحايا، وغرّد على تويتر قائلًا: “لا مكان للكراهية والإسلاموفوبيا في أونتاريو، لا مكان للكراهية والإسلاموفوبيا في أونتاريو. يجب أن تأخذ العدالة مجراها في حادث الكراهية الفظيع الذي وقع في مدينة لندن في مقاطعة أونتاريو. أتقدم بخالص المواساة والدعاء لأسر وأصدقاء الضحايا في هذا الوقت العصيب. أفعال العنف الشنيعة هذه يجب أن تتوقف.”.
من جانبه، غرّد رئيس الوزراء الكندي؛ جاستن ترودو، على تويتر قائلاً إنه “مفزوع” من الأخبار، وإنه من الضروري استخدام كل أداة متاحة لمكافحة الإسلاموفوبيا. وقال: لقد تحدثت هذا المساء عبر الهاتف مع عمدة لندن، ومع نواز طاهر بشأن الهجوم المقيت والشنيع الذي وقع أمس في مدينة لندن في مقاطعة أونتاريو. أخبرتهم أننا سنواصل استخدام كل الأدوات الممكنة لمكافحة الإسلاموفوبيا، وسنقدم الدعم لذوي الضحايا.
اختيار الكلمات أمر بالغ الأهمية في الوقت الذي تبحث فيه الشرطة توجيه اتهاماتٍ محتملة بالإرهاب.
وفي هذا الصدد، قال ديت سوبت بول ويت؛ مسؤول رفيع المستوى في شرطة مدينة لندن بأونتاريو في مؤتمر صحفي اليوم “يُعتقد أن هؤلاء الضحايا استهدفوا لأنهم مسلمون”. الجدير بالذكر أن السلطات الاتحادية الكندية تستخدم بشكل متزايد عبارة “التطرف العنيف ذو الدوافع الأيديولوجية”، لوصف العنف الذي يغذيّه اليمين المتطرف، وغيره من المعتقدات المتطرفة.
وللأسف، فهناك صعوبة في ترسيخ الوعي بما يعنيه التطرف العنيف ذو الدوافع الأيديولوجية، والحاجة إلى توسيع مفهوم الإرهاب ليشمل الهجمات غير الجهادية.
في عام 2017، اعترف ألكسندر بيسونيت بأنه مذنب في ستِّ تهم بالقتل من الدرجة الأولى، وست تهم بمحاولة قتل ستة مصلين بالرصاص في مسجد في مقاطعة كيبيك. وفي سبتمبر 2020، طعن محمد أسلم زفيس، القائم بأعمال مسجد في إيتوبيكوك، إحدى ضواحي تورونتو، حتى الموت على يد شخصٍ ينتمي لجماعات التفوق العنصري للبيض، الذي اتهم بالقتل من الدرجة الأولى. وفي كلتا الحالتين لم تُوجّه تهم للجانيين تتعلق بالإرهاب.
في عالم أيديولوجي مختلف، يجدر بنا أن نتذكر أليك ميناسيان. في 23 أبريل 2018، في تورونتو، اصطدمت شاحنة صغيرة بالمارة ما أسفر عن مقتل عشرة أشخاص، وإصابة ستة عشر آخرين، في أعنف هجومٍ من نوعه في تاريخ كندا. ثم ألقي القبض على المهاجم، ميناسيان، الذي وصف نفسه بأنه ينتمي إلى ما يُعرف باسم حركة “العزوبة غير الطوعية” (incel)، بعد أن حاول دفع الشرطة إلى إطلاق النار عليه. واقتبس ميناسيان في بيانه عن الإرهابي إليوت رودجر الذي ينتمي إلى حركة العزوبة غير الطوعية1.
وفي حين اعتبر ميناسيان مسؤولًا جنائيًا عن فعلته، ووجهت إليه عشر تهم بالقتل، وست عشرة تهمة بالشروع في القتل، فإن المحاكمة لم تتضمن اتهاماتٍ بالإرهاب، على الرغم من استخدام سيارة كسلاح على غرار ما يفعله الإرهابيين.
وفقًا للقانون الجنائي الكندي، يمكن تعريف الإرهاب بأنه “أي عمل يُرتكب كليًا أو جزئيًا لغرض سياسي أو ديني أو أيديولوجي أو هدف أو قضية”2، وهو ما يؤكد مدى غرابة عدم اتهام ميناسيان بموجب هذا القانون.
لطالما كان استخدام مصطلح “الإرهاب” محل خلافات لا نهاية لها لعقود، ولا يزال هذا المصطلح يُطبّق بسهولة أكبر على أفعال الجناة المسلمين من “المتطرفين المحليين”.
التردد في استخدام كلمة “الإرهاب” في طيفٍ أوسع من الحوادث لا يُمثّل مشكلة عند وصف ما حدث فقط، ولكن -والأهم من ذلك- عند وصف ما يمكن القيام به أيضًا: لا شك أن عمليات التصدي لظواهر مثل تفوق البيض، وكراهية الإسلام، وتطرف حركة العزوبة غير الطوعية، وغيرها، سوف تستفيد من حزمةٍ كاملة من الأدوات، بداية من منع التطرف العنيف ومكافحته، وصولًا إلى اتخاذ تدابير “خشنة” لمكافحة الإرهاب.
المراجع:
[1] Sara Brzuszkiewicz, Incel Radical Milieu and External Locus of Control, ICCT Journal Special Edition, International Institute for Counter Terrorism, November 2020.
[2] Criminal Code R.S.C. 1985, c. C-46, PART II, Offences Against Public Order.