نجاح العصيمي [1]
قبل بضعة أسابيع، قُتل مسؤول حوثي رفيع المستوى، يدعى صالح الصماد، على يد الائتلاف بقيادة السعودية. كانت تلك العملية إحدى الضربات الرئيسة ضد هذه الحركة السرية التي تهدد بزعزعة استقرار المنطقة بأكملها. يسيطر الحوثيون اليوم على جزء كبير من شمال اليمن، ويواصلون ابتكار إستراتيجيات مثل تمويه القنابل المتفجرة على شكل حجارة، بغرض استهداف الائتلاف بقيادة المملكة.
سيطر الحوثيون، المتمردون الشيعة، المعروفون رسميًا باسم أنصار الله، على العاصمة صنعاء في عام 2014. وبعد فشل المفاوضات، استولوا على القصر الرئاسي. ووفقًا للمحللة السياسية فاطمة الأسرار، من الشكوك فيه أن يكون الحوثيون يبحثون عن تسوية سياسية دائمة. تعتقد فاطمة أن هنالك انقسامًا واضحًا ما بين الأجزاء الشمالية والجنوبية في البلاد. ويعتقد الكثيرون أن ليس هناك فرقًا بين جماعة الحوثي والقاعدة، ذلك أن نشاطات المنظمتين تقتل الكثيرين، وتدفع المنظمات الدولية والدول إلى تصنيفهما كمنظمتين إرهابيتين.
لقد هاجم الحوثيون سفن البحرية الأمريكية من قبل، وردًا على ذلك، نفذت الولايات المتحدة ضربات جوية تسببت في خسائر كبيرة. كما وهدد الحوثيون بمهاجمة منشآت النفط السعودية.
من شأن استقرار اليمن أن يساعد دول الخليج في التجارة الدولية، فضلًا عن المساعدة في تحقيق السلام في دول الشرق الأوسط. يعدّ ممر باب المندب المائي، على سبيل المثال، الطريق الأسرع بين أوروبا وآسيا، ويوفر تجارة أسرع لمنطقة الخليج. علاوة على ذلك، من شأن التعامل التجاري مع اليمن أن يساعد دولًا مثل السعودية على الوصول إلى المواد الخام بشكل أسرع.
أهمية معركة الحديدة
شن الجيش اليمني، بدعم من العرب، هجومًا حاسمًا للاستيلاء على مدينة الحديدة الحيوية، الخاضعة للسيطرة الحوثية منذ عام 2015. إن خط شحن الحديدة في البحر الأحمر هو بلا شك هدف أساسي لكل من المسلحين والمجموعات الأخرى، إذ تحصل على إمدادات الأسلحة من خلالها حسب التقارير الواردة.
إن الموقع الإستراتيجي لهذه المنطقة هو ما يجعلها مهمة، فهي توفر الوصول إلى باب المندب، وتربط البحر الأحمر بخليج عدن. من شأن الاستيلاء على الحديدة أن يضمن حرية التجارية الدولية، بعيدًا عن أي تعطيل، وأن يمكّن كذلك الائتلاف بقيادة السعودية، وبدعم من الأمم المتحدة، من شن هجمات في العاصمة صنعاء التي يسيطر عليها الحوثيون.
إن فقدان السيطرة على ميناء الحديدة يعني خسارة اقتصادية وسياسية للحوثيين؛ ذلك أن مواصلة السيطرة عليه تعني تدهور مزيد من فرص التفاوض. ومع ذلك، ليس هناك ما يدعو للقلق في ضوء الإشارات المتضاربة التي يرسلها الحوثيون الآن.
تهديد الأمن الإقليمي
إن تهديدات الحوثي بشن ضربات صاروخية على المدنيين في السعودية والإمارات أمر شائع جدًا.
في الذكرى الثالثة للنزاع بين جماعة الحوثي والسعودية، أطلق الحوثيون سبعة صواريخ على المملكة، بالتزامن مع زيارة المتحدث باسمهم، محمد عبد السلام للسعودية للضغط والتأثير على مفاوضات للتوصل إلى تسوية سياسية. لقد فقد الحوثيون العديد من حلفائهم المؤثرين في العام الماضي، عندما قاموا بإعدام حليفهم الرئيس السابق علي عبد الله صالح، مما أدى إلى انشقاق حزب المؤتمر الشعبي العام.
وما يزيد الطين بلة، هو دعم إيران لميليشيا الحوثي، وإمدادها بالأسلحة والذخائر. وعلى سبيل المثال، أطلق المتمردون الحوثيون صواريخ على العاصمة الرياض، يعتقد أنها مصنوعة في إيران. وحتى إن مجموعة الحوثي قصفت السفن التركية التي كانت تنقل القمح إلى اليمن. منذ شهر آذار/مارس 2015، بدأت السعودية بقصف الحوثيين، بعد أن اضطر الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي إلى المنفى بسبب المتمردين. تعتقد السعودية أن المتمردين هم وكلاء إيرانيون، ولذلك، تهدف إلى استعادة العاصمة اليمنية صنعاء من سيطرة هذه المجموعات. تحصل السعودية على أسلحتها من دول مثل المملكة المتحدة، بدعم إستراتيجي واستخباراتي من الولايات المتحدة. أما الأمم المتحدة، فتعترف بحكومة هادي في اليمن.
قام التحالف بقيادة السعودية بقصف المتمردين الحوثيين في مطار الحديدة من قبل، ويعتقد أن الأمم المتحدة قد تتولى السيطرة الإدارية على المنطقة في المستقبل القريب.
لم يفعل الحوثيون سوى البحث عن طرق لتوسيع امتدادهم الجغرافي، وقد كانت الحديدة بمثابة المكسب المرغوب لهم.
من المرجح أن يصرّ الائتلاف العربي على نزع سلاح الحوثين في أي مفاوضات مستقبلية، برغم أن محمد الحوثي، زعيم ميليشيا كبير في المجموعة، قد صمم إستراتيجيته الخاصة به. وحدث خطته.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] باحثة في الدبلوماسية، والعلاقات الدولية، مقيمة في لندن.
النص كاملًا متوفر باللغة الإنجليزية هنا