د. سامي مبيض
خلال أسبوعٍ واحد، تعرّض تنظيم داعش لخسارتين كبيرتين في العراق. طال أحد الاغتيالات أبو ياسر العيساوي؛ القائد العام للتنظيم الإرهابي في العراق، الذي قُتل بالقرب من كركوك في 29 يناير، ثم أبو حسن الغرباوي، والي داعش في جنوب العراق، الذي قُتل في 3 فبراير. وكان كلاهما مسؤولًا عن إعادة ظهور داعش مؤخرًا، الذي بلغ ذروته في التفجير الانتحاري المزدوج الذي استهدف بغداد الشهر الماضي، وأسفر عن مقتل 32 شخصًا1.
الاغتيالات المتتالية تترك أبو إبراهيم القرشي، الذي نصّب نفسه خليفة، مهمة إيجاد من يخلف كلا الرجلين. ويبدو أن إيجاد بديل للغرباوي لن يكون أمرًا صعبًا للغاية بالنسبة لقرشي، حيث لا يوجد نقص في المحاربين المؤدلجين في صفوف داعش. وقد يكون أحد الخيارات هو عبد الله مكي الرافعي (أبو خديجة)، الوالي السابق لمحافظة ديالى، ورئيس العمليات العسكرية الحالي في كركوك. ينحدر الرافعي من قرية الرفيعات، التي تقع على بعد سبعين كيلومترًا شمال بغداد، ويتمركز حاليًا في الحويجة أو حولها، غرب كركوك.
لكن التحدي الحقيقي يكمن في إيجاد بديل للعيساوي، الذي يأتي في المرتبة الثانية بعد الخليفة. لا يشغل القرشي دورًا إداريًا في هذه الحالة فحسب، بل إنه يختار من سيخلفه، الرجل الذي ينبغي أن يكون مؤهلًا لأن يصبح خليفة إذا ما قُتل الخليفة الحالي، أو أُسقط، أو أصبح عاجزًا.
تجدر الإشارة إلى أن القرشي لم يهبط على منصبه هذا فجأة، بل أعدّه الزعيم السابق، أبو بكر البغدادي، وعيّنه قائدًا عسكريًا للتنظيم في أغسطس 2019، قبل ثلاثة أشهر من مقتل البغدادي2. ومنذ ذلك الحين، يُقال إن الخليفة الجديد، المعروف أيضًا باسم عبد الله قرداش، يقصي الشخصيات السورية من القيادة العليا لداعش، ويستبدل بها مواطنين عراقيين. وتتألف دائرته الداخلية من خمسة جهاديين، ليس من بينهم سوري واحد3. وهذا بعيد كل البعد عن المجموعة الأساسية التي أسّست داعش، التي ضمت تشكيلة متنوعة من المواطنين السوريين والعراقيين والكويتيين والسعوديين. غير أن القرشي بدأ في تجديد التنظيم، في محاولةٍ لمنع أي شخص غير عراقي من ترقّي السلم الهرمي، بحيث لا يتولى “أجنبي” السيطرة على التنظيم.
القائمة المرجعية للقرشي
هناك قائمة مرجعية طويلة سوف يتحقق القرشي في استيفائها عند اختيار الشخص الذي سيخلف العيساوي. يجب أن يكون قائدًا عسكريًا، محنّكًا في حرب العصابات، ويُفضل أن يكون عضوًا سابقًا في جيش صدام حسين، نظرًا لأن هؤلاء المقاتلين أثبتوا فعاليتهم الاستثنائية في العمليات الإرهابية لداعش منذ عام 2014.
لكن القرشي لديه شرط آخر، أكثر أهمية من المهارة العسكرية. يجب أن يمتد نسب المرشحين المحتملين إلى النبي محمد عبر قبيلة قريش، وهو شرط قديم في الإسلام السني لتولي منصب الخليفة4.
الجدير بالذكر أن البغدادي ادّعى أن نسبه يمتد إلى حفيد النبي، حيث وقّع على جميع بياناته الشهيرة باسم “أبو بكر البغدادي القرشي الحسيني”، مؤكدًا على هذا الانتماء الذي منحه الشرعية من خلال القواعد التقليدية التي تحكم اختيار خلفاء النبي.
هذا الاعتبار يفسر لماذا الخليفة الحالي، واسمه الحقيقي أمير محمد سعيد عبد الرحمن، يحمل اسم “أبو إبراهيم القرشي”. بالنسبة للغربيين، هذا ليس سوى تفصيل بسيط، لكن بالنسبة للمسلمين السنّة الملتزمين دينيًا، حتى أولئك الذين لا ينتمون إلى التنظيم الإرهابي، فهذا أمر حيوي لتحديد من سيكون الخليفة.
خلفاء منتظرون
يطرح مراقبو الحركات الجهادية، ومحللون آخرون، مجموعة واسعة من الخيارات فيما يتعلق بتحديد قادة داعش المنتظرين، بما في ذلك أسماء مثل أحمد عيسى الراوي (أبو طلحة الشايب)، ومعتز نعمان الجبوري (الحاج تيسير). الأول هو والي بغداد السابق، والثاني خبير متفجرات بارز كان مقربًا من البغدادي. ولا يزال هذان الرجلان على قائمة الولايات المتحدة للإرهابيين المطلوبين، وقد خُصصت مكافآت لمن يدلي بمعلومات تقود للقبض عليهما. غير أن المشكلة هي أن كليهما قد قُتل خلال العام الماضي، إما على يد الجيش العراقي أو الولايات المتحدة.
تشمل القائمة الأكثر دقة، ولكنها الأقصر بكثير، استنادًا إلى أسماء كبار الشخصيات العراقية التي لا تزال نشطة في صفوف المتمردين العراقيين الذين يعملون في السر، ما يلي:
أبو حمزة القرشي؛ المتحدث الرسمي باسم تنظيم داعش. لا نعرف عنه شيئًا، باستثناء ما يعنيه اسمه، أنه عراقي ينحدر من قبيلة قريش. ونعلم أيضًا أنه تولى منصبه بعد مقتل سلفه السوري أبو محمد العدناني. وأنه الرجل الذي أعلن وفاة أبو بكر البغدادي للعالم في 26 أكتوبر 2019.
وليد جاسم العلواني (أبو أحمد)؛ قائد سابق للمجلس العسكري لداعش، وضابط سابق في عهد صدام5. وينبغي اعتبار العلواني احتمالًا مشكوكًا فيه. وعلى الرغم من أن العلواني مُقرّب من الخليفة، وقد يتولى قيادة الجبهة العراقية بدلًا من العيساوي، فإنه يفتقر إلى المؤهلات اللازمة لتولي منصب الخلافة.
بشار خطاب الصميدعي (حجي زيد)؛ الرئيس الحالي لمجلس القضاء في داعش6. تتركز قبيلته، الصميدعي، شمال غرب الرمادي، وتقول إن نسبها يمتد إلى الإمام علي، رابع الخلفاء الراشدين وصهر النبي محمد، ما يجعله مرشحًا مثاليًا ليصبح الخليفة. وهو على رأس قائمة الإرهابيين المطلوبين من قبل الجيش العراقي7.
وأخيرًا، هناك سامي جاسم محمد الجبوري (حجي حامد)؛ وزير مالية داعش السابق من 2014 إلى 2019، كان مسؤولًا عن الاتجار غير المشروع بالنفط والأسلحة والبشر، وممثل داعش في الموصل. ويمثل حاليًا جزءًا من الدائرة الداخلية للخليفة الجديد8. في 2016، ادّعى الأكراد أنهم قتلوا الجبوري، وهو ما ثبت أنه غير صحيح9. وفي سبتمبر الماضي، أفادت بعض التقارير أيضًا أنه قُتل على يد المعارضة السورية في إدلب، وهو ما ثبت أنه غير صحيح أيضًا10.
_____________________________________________________
المراجع:
[1] “Al-Tahaluf al-duwali yu’liq ala maqtal al-a’ysuwi fi al-Iraq wa-yujah rasala li-Daesh”, Al-Hurra, (January 29, 2021).
[2] Moubayed, Sami. “ISIS names heir to Baghdadi from Saddam’s officer corps”, Arab Weekly, (August 17, 2019).
[3] Husham al-Hashemi. “Exclusive: A look into the Islamic State’s new leadership,” Center for Global Policy, (September 17, 2020).
[4] Hasan Suleiman, Sama. “Shuroot al-Khilafa,” Mawdou, (October 25, 2018).
[5] “Top ISIS leaders revealed,” Al-Arabiya, (February 13, 2004).
[6] Ayoub, Nour. “Daesh yantazer al-fawda fi al-Iraq wa Souriya li Ya’oud,” Al-Akhbar, (May 29, 2020).
[7] Salem, Ziad. “Inshigal Amni bi Baqaya Qiyadat Daesh”, Al-Arabi Al-Jadid, (May 25, 2020).
[8] Husham al-Hashemi. “Exclusive: A look into the Islamic State’s new leadership,” Center for Global Policy, (September 17, 2020).
[9] “Quwa Kurdiya Amerkiya qatalat Wazir al-Batrol fi Daesh”, i24 News, (August 11, 2016).
[10] “Amaliya fi Idlib tastahdef ithnayn min lobby al-Iraq fi Tanzim al-Dawla”, Enab Baladi, (September 27, 2020).