ماكسيميليان روف*
في عمليةٍ حظيت بتغطيةٍ إعلامية واسعة في السابع من ديسمبر الجاري، ألقي القبض على 25 شخصًا في ألمانيا وإيطاليا والنمسا، في واحدةٍ من أكبر المداهمات المتعلقة بمكافحة الإرهاب في التاريخ الألماني1. ومن بين جميع المعتقلين، يشتبه في أن 22 شخصًا أعضاء في منظمة إرهابية (جماعة الاتحاد الوطني)، فيما يتهم الثلاثة الباقون بأنهم مؤيدون. اتهم 27 شخصًا آخرين بارتكاب جرائم ذات صلة. كان الهدف الرئيس لجماعة “الاتحاد الوطني”، التي كانت تنشط منذ نوفمبر 2021 على الأقل، الإطاحة بالحكومة الحالية، واستبدالها بنظام مختلف2.
للقيام بذلك، شكَّلت الجماعة بالفعل ما يشبه حكومةَ ظلّ، أطلق عليها اسم “مجلس”، تضم رئيس دولة، ووزير عدل، ووزير خارجية3. وكركيزة ثانية، شكَّلت جناحًا عسكريًا، بما في ذلك أفراد سابقون في الجيش، الذين تم تكليفهم بالجانب العملياتي للانقلاب المفترض، بما في ذلك تشكيل 286 “وحدة دفاع عن الوطن” مسلحة. وفقًا لرؤيتهم، كان من الممكن تكليف الحكومة الأولية الجديدة بالتفاوض على نظام دولةٍ ألماني جديدٍ مع الحلفاء المنتصرين في الحرب العالمية الثانية، ولا سيّما مع روسيا4. ولتحقيق أهدافها، كانت الجماعة مستعدة للانخراط في أعمال عنفٍ خطيرة على مستوياتٍ مختلفة، وزعم أنها أعدت قوائم “للتطهير”، أي جرائم قتل، على المستوى المحلي، مستهدفة، على سبيل المثال، رؤساء البلديات5.
سلّطت المداهمات واهتمام وسائل الإعلام الدولية اللاحقة الضوء على ظاهرة معقدة وغامضة: ما يُسمى “مواطنو الرايخ” في جمهورية ألمانيا الاتحادية. على الرغم من أن الخبراء كانوا يراقبون هذه الظاهرة ويحذرون من التهديد الحقيقي الذي تُشكّله على المجتمع الألماني لبعض الوقت، فإن الجهات السيادية ومعظم السلطات الأمنية الألمانية لم تبدأ في الاهتمام بها عن كثب إلا في الآونة الأخيرة. لفهم هذه الظاهرة وآثارها الاجتماعية والأمنية في ألمانيا، من الضروري أولًا الرجوع خطوة إلى الوراء وإلقاء نظرة موجزة على تاريخها والمشهد الأوسع.
الرايخ والجوهر الأيديولوجي لمواطنيه الزائفين
بداية، من الضروري الإشارة إلى أن مصطلح “مواطنو الرايخ” (Reichsbürger) نفسه هو في الغالب إسناد خارجي وليس بالضرورة وصفًا ذاتيًا للأشخاص الذين هم جزء من هذا الطيف الأوسع من المعتقدات. وفي حين أن العديد منهم يرون أنفسهم في الواقع كمواطنين في الرايخ المتخيّل، فإن هذا المصطلح المحدد يستخدم بشكلٍ شائع من قبل الصحفيين والسياسيين والناشطين والسلطات الأمنية لتسمية هذا المشهد المتسع للأشخاص والجماعات. ولكن لماذا هذه الإشارة إلى الرايخ على الإطلاق؟
يشيع استخدام مصطلح “الرايخ” حتى في اللغة الإنجليزية للإشارة إلى الدولة القومية الألمانية بين عامي 1871 و1945، التي امتدت عبر الإمبراطورية من 1871-1918، وجمهورية فايمار (1918-1933)، والرايخ الثالث الذي تلا ذلك -ألمانيا النازية- حتى هزيمتها النهائية في عام 1945.
أدّى الاستسلام الألماني الكامل وغير المشروط الذي تلاه إلى تشكيل دولتين ألمانيتين في عام 1949، وليس دولة واحدة واضحة، وأوجد وضعًا قانونيًّا معقدًا استمر فيه بعض البقايا الإدارية للرايخ السابق في الوجود6. هذا المأزق القانوني يغذِّي جزئيًا منطق الرايخ الحالي، الذي بموجبه يستمر شكل من أشكال الرايخ باعتباره الدولة الحقيقية الوحيدة للأمة الألمانية وشعبها.
اليوم، يستخدم مواطنو الرايخ وغيرهم من المطالبين بالسيادة في ألمانيا عادة مزيجًا عريضًا من النصوص القانونية الحقيقية، والشرعية الزائفة، ومعتقدات المؤامرة، والميول الوهمية لإعلان أن جمهورية ألمانيا الاتحادية ليست دولة قومية حقيقية، وبالتالي لا تمتلك أي سلطة قانونية فعلية. وهذا الافتقار إلى دولة ذات سيادة للشعب الألماني لا يعتبر خطأ بسيطًا أو مصادفة، بل هو حيلة متعمدة، على سبيل المثال، من قبل قوات التحالف الغربية، وفي أكثر الأحيان في التقاليد المعادية للسامية الشائعة.
أحد المفاهيم الشائعة جدًا في هذه الظاهرة هو الاعتقاد بأن جمهورية ألمانيا الاتحادية ليست في الواقع دولة بل مؤسسة تجارية. الدليل المفترض على ذلك هو عنوان بطاقة الهوية الصادرة عن الحكومة الألمانية “Personalausweis”. إنهم يفسرون هذا العنوان على أنه يعني “هوية الموظفين”، بدلًا من معناه الفعلي “الهوية الشخصية”. وهناك خيط مشترك آخر من الأدلة الزائفة وهو وجود “شركة Deutschland GmbH” المسجلة في السجل التجاري في فرانكفورت، التي من المفترض أن تثبت -وفق رأيهم- أن ألمانيا مجرد شركة. في الواقع، هذه شركة مملوكة بالكامل لوزارة المالية الألمانية وتُستخدم لإجراء الأعمال المالية للحكومة الألمانية -يظهر الاسم الكامل للشركة ذلك بشكلٍ أكثر وضوحًا: Bunderepublik Deutschland Finanzagentur GmbH- الذي يترجم إلى “الوكالة المالية المحدودة لجمهورية ألمانيا الاتحادية”7.
منظمة، حركة، مشهد؟
غالبًا ما تشير التقارير الصادرة عن السلطات الأمنية ووسائل الإعلام إلى “مواطنو الرايخ” على أنهم “حركة”. وفي حين أن هذه الظاهرة تتسم ببعض سمات الحركة، فإنه من الأفضل وصفها بأنها “مشهد”، مشهد يتكون من شبكة فضفاضة جدًا من الأفراد والمجموعات الصغيرة في الغالب التي، حتى هذه اللحظة، لم تتمكن من الاندماج في هيكلٍ تنظيمي أكثر توحدًا وشمولية. الشيء الذي يربط بين هؤلاء الأشخاص في هذا المشهد فقط هو القاسم المشترك الأدنى- الاعتقاد بأن جمهورية ألمانيا الاتحادية الحالية غير شرعية، وأن شكلًا من أشكال الرايخ الألماني لا يزال موجودًا. وبعيدا عن هذه الفكرة الأساسية، لا يوجد سوى القليل جدًا من حيث التماسك الأيديولوجي. ونتيجة لذلك، لا تتفق المجموعات الفردية والأعضاء حتى على مسألة أي نوع من الرايخ لا يزال موجودًا: هل من عام 1871، أو من عام 1919، أو بالأحرى في غضون عام 1937؟
ما يزيد الأمر تعقيدًا، هو أن تحدد وكالة الاستخبارات الداخلية الفيدرالية الألمانية (BfV)، أو المكتب الاتحادي لحماية الدستور، فئة ثانية من المطالبين بالسيادة، ما يُسمى بالمسؤولين الذاتيين8. الأشخاص المنسوبون إلى هذه الفئة لا يؤمنون بالضرورة باستمرار وجود الرايخ، لكنهم متحدون مرة أخرى بالاعتقاد الأساسي بأن الدولة الألمانية الحالية غير شرعية، ما يسمح لهم بدورهم بترك هذا الكيان الزائف ونظام حكمه، وحُكم أنفسهم من الآن فصاعدًا. وقد أدّى ذلك إلى إعلان عددٍ منهم ممتلكاتهم الخاصة كمنطقة حكم ذات سيادة يحكمون أنفسهم فيها، والتي من المفترض أن جمهورية ألمانيا الاتحادية ووكلاءها لا يتمتعون بأي سلطة عليها.
كما ذكرنا سابقًا، فإن المعتقد والنسق التنظيمي لمواطني الرايخ والإداريين الذاتيين (من الآن فصاعدًا يُشار إليهم معًا باسم المطالبين بالسيادة) في ألمانيا هو فردي للغاية. إذ يمكن لكل شخص يؤمن بالمفهوم الأساسي (عدم شرعية جمهورية ألمانيا الاتحادية، بالإضافة إلى الاعتقاد الاختياري في استمرار وجود كيان الرايخ) اختيار ومزج المعتقدات المصاحبة وروايات المؤامرة. قد يكون هذا المستوى العالي من الفردية أحد العوامل التي تسهم في عدم وجود هياكل تنظيمية كبيرة شاملة. وهذا قاد بعض المحللين إلى التنظير بأن جوانب هذا النوع الخاص من النزعة السيادية قد تكون وسيلة مُرحّبًا بها لتعظيم الذات من قبل الأشخاص الذين لديهم شعور عالٍ بأهمية الذات، وربما حتى الميول أو الاضطرابات النرجسية9. وحقيقة أن هؤلاء المطالبين بالسيادة، الذين تمكنوا من تشكيل هياكل تنظيمية فعلية، غالبًا ما يلتفون حول شخصيات قيادية فردية قوية بطريقةٍ تشبه العبادة تقريبًا (مثل الدولة الخيالية لـ “مملكة ألمانيا” بقيادة بيتر فيتزك)، تُعقد إمكانية تعميم مثل هذه التقييمات، لكنها لا تتعارض بالضرورة مع الفكرة الأساسية.
تقييمات الرأي العام والأجهزة الأمنية للظاهرة
على الرغم من الأحداث الأخيرة والاهتمام الدولي الذي أعقب ذلك، فلا يزال موضوع السيادة في ألمانيا أحد أكثر الموضوعات التي لا تحظى بالبحث والنقاش السياسي والأمني الجاد. ففي عام 2016 فقط -بعد بضعة أشهر من مقتل ضابط شرطة على يد أحد المطالبين بالسيادة أثناء محاولة مصادرة أسلحته- حدَّد مكتب التحقيقات الاتحادي رسميًا ما حدث وتبعاته بأنها “حالة تتطلب المراقبة”10. وفي أحدث تقرير له لعام 2021، خلص إلى أن هناك حوالي 21,000 شخص متورط في هذه الظاهرة (في عام 2020 كان هناك 20,000)11. في أعقاب المداهمة والاعتقالات في وقتٍ سابق من هذا الشهر، حدَّثت وزيرة الداخلية الاتحادية الألمانية، نانسي فيسر12، هذا العدد إلى 23,000 شخص. وتُقدّر السلطات الألمانية أن ما يقرب من 10% من هذا المجموع موجّه نحو العنف13، مع “أكثر من خمسة في المئة” يشكلون في الوقت نفسه جزءًا من الطيف اليميني المتطرف.
وهكذا، تُظهر هذه الأرقام الرسمية ارتفاعًا سريعًا في عدد الأفراد الذين يشكلون جزءًا من هذا المشهد، بأكثر من 3,000 شخص في غضون ثلاث سنوات. ومع ذلك، يحذر الخبراء منذ فترة طويلة من أن الأرقام الرسمية لعدد المنتمين لهذه الظاهرة قد لا تعكس الحجم الفعلي للمشهد، والمتعاطفين معه على نحو كافٍ. على سبيل المثال، كشف العالم السياسي جان راتجي أنه بحلول يونيو من عام 2021، اشترك أكثر من 60,000 حساب في القنوات التي يمكن أن تُنسب إلى الظاهرة على تطبيق تلجرام وحده15.
ولكن حتى قبل عام 2016، شكّل السياديون في ألمانيا تهديدًا حقيقيًا جدًا للأقليات، وكذلك لممثلي سلطات الدولة الذي يفترض أنهم غير شرعيين، مثل المسؤولين المحليين والسياسيين، وكذلك قوات الأمن مثل ضباط الشرطة16. في حين أن المضايقات الفعلية والخطر الذي يشكله أعضاء هذا المشهد كان معروفًا جيدًا للمستهدفين بالعنف الجسدي والتواصلي وللمسؤولين على الأرض، يبدو أن العديد من السلطات على مستوى الولايات والمستوى الاتحادي لا تُعر هذه القضية الاهتمام العملي الكافي. وحتى بعد عام 2016، واصلت هذه الجهات الفاعلة التعبير عن تهديداتها، والانخراط في جهود الترهيب، والتهديد بالعنف مع الإفلات النسبي من العقاب17. خلال جائحة فيروس كورونا خاصة، أصبحت التهديدات بـ “إعدام” السياسيين والنشطاء من خلال أحكام إعدامٍ مزيفة شائعة في العديد من مجموعات وقنوات وسائل التواصل الاجتماعي، وغالبًا ما يصرّح بها السياديون الذين يتبنون أيديولوجيات سيادية ويعلنوا أنفسهم ممثلون شرعيون لسلطة الدولة الحقيقية في ألمانيا18.
ماذا بعد؟
بصرف النظر عن التركيز العملي على إلغاء تراخيص ملكية الأسلحة القانونية ومصادرة الأسلحة لاحقًا19، تتسم قضية “مواطنو الرايخ” بسنواتٍ من الإهمال النسبي من قبل السلطات المعنية وصناع القرار من جهة، وبالرفض الشعبي لأخذها على محمل الجد من الجانب الآخر. لقد نظرت قطاعات كبيرة من المجتمع الألماني إلى هذه القضية باستغراب، كما استهزأت عدسات البرامج التلفزيونية الساخرة من المشهد وأعضائه المضحكين، وميلهم إلى ارتداء زي غريب، وإعطاء أنفسهم ألقابًا مزيّفة. وبالمثل، فإن الجماعة التي كشفت عنها السلطات حاليًا تفتقر إلى “الشكل والمظهر” الذي يرتبط عادة بالتطرف والعنف الشديد، لذا فلا يزال من الصعب بالنسبة للكثيرين فهم فكرة أن أشخاصًا “ذوي مظهر طبيعي”، قد يكونون في منتصف العمر أو كبار السن، كانوا على استعداد للقتل والتحريض على العنف على نطاقٍ واسع.
هناك بعض الأمل في أن المداهمات التي شنتها السلطات في أوائل ديسمبر 2022 قد تُبشّر ببداية حقبة جديدة أكثر جديّة فيما يتعلق بعلاقة المجتمع الألماني بقضية “مواطنو الرايخ”، والمطالبين بالسيادة الآخرين، والقضايا المتقاطعة مثل “حركة أناستازيا“. ولكن لكي يتحقق ذلك، لا بد من النظر في عددٍ من المسائل التي بدونها قد يثبت عدم جدوى الاهتمام المرحب به بالموضوع.
أولًا، يجب استخدام مسمى “مواطنو الرايخ” بعناية، وهذا صحيح فيما يتعلق بالمجموعة التي كشفت عنها السلطات مؤخرًا. ذلك أن المسمى يفتقر للبحث وقوة التعريف، ولا ينبغي استخدامه ببساطة لأنه يجذب الانتباه. واستنادًا إلى المعلومات المتاحة حاليًا، فإن الأجزاء الأيديولوجية التي أثّرت على أعضاء المجموعة تمتد عبر أفكار “مواطنو الرايخ” و”كيوآنون”، ومعتقدات سريّة وتآمريّة إضافية متنوعة20. يبدو أن المجموعة قد تشكّلت أيضًا نتيجة لاندماج مشاهد مختلفة، بما في ذلك، من بين أمورٍ أخرى، مشاهد “مواطنو الرايخ” و”كويردينكر” (Querdenker)، وقد برزت هذه الأخيرة كحركة احتجاج رائدة خلال جائحة فيروس كورونا، وتتكون في الغالب من المتشككين في الجائحة ومنكريها، والمناهضين للتطعيم، والمتظاهرين المناهضين للإغلاق21. الإجابة على السؤال المتعلق بأي (مجموعة) بالضبط من الأفكار دفعت تطرفهم إلى العنف المخطط له وكيف، لا يزال يتعين الكشف عنها خلال المحاكمات القادمة، والمزيد من البحوث.
بالإضافة إلى ذلك، فمن الضروري التعامل بشكلٍ أكثر جديّة مع هؤلاء الأشخاص الذين تأثّروا بتحريض المطالبين بالسيادة وعنفهم لسنوات، إن لم يكن لعقود: لدى الإدارات المحلية ورؤساء البلديات والسياسيون والشرطة المحلية والعديد من الآخرين قدر هائل من المعرفة العملية، فغالبًا ما يكونون على دراية تامة بالهياكل المحلية، وربما يكونون قد طوروا بالفعل طرقًا (أوليّة) للتعامل مع المطالبين بالسيادة. ويلزم تقدير خبرتهم وأخذها في الاعتبار عند التخطيط لاتخاذ مزيدٍ من الإجراءات.
في حين أن تشديد الإجراءات التأديبية ضد أفراد الشرطة أو القوات المسلحة الذين يعتنقون الأفكار المتطرفة أمر ضروري، لا ينبغي أن يكون القمع هو السبيل الوحيد. يجب أن تكون هذه الإجراءات مصحوبة بتدابير لزيادة الوعي بين قيادتهم. وينبغي أن تشمل الأهداف توفير المعرفة بشأن هذه المسألة والآليات الأساسية التي قد تجعل أفراد الشرطة والقوات المسلحة أكثر عُرضة للأيديولوجيات الاستبدادية من أجزاء المجتمع الأخرى. وحقيقة أن كلًا من أعضاء الشرطة والجيش الألماني، المتقاعدين والذين لا يزالون في الخدمة، كانوا جزءًا من تلك المؤامرة التي كشفتها السلطات يجب أن تدق أجراس إنذار صاخبة. وما يزيد من حجم المشكلة أن الجماعة حاولت على ما يبدو تجنيد عدد أكبر من الأعضاء الذين لا يزالون على رأس عملهم في الشرطة والجيش. وفي حين يبدو أن معظمهم قد رفضوا، فإن حقيقة أنهم التزموا الصمت بشأن التواصل معهم أمرٌ يُنذر بالخطر. وبشكلٍ عام، تحتاج أجهزة الشرطة والأمن إلى إعادة النظر في تقييمها الحالي للتهديد في ضوء الأحداث الأخيرة.
علاوة على ذلك، ينبغي دعم البرامج الحالية الخاصة بمنع التطرف من أجل وضع تدابير وأساليب جديدة للتصدي لهذه المشكلة. ففي حين لاحظ الممارسون في ألمانيا وخارجها منذ فترة طويلة تنوعًا متناميًا للمجموعات المستهدفة، التي لا تزال إلى حدٍّ كبير خارج نطاق الاساليب الحالية، ولا تتناسب مع التسميات السابقة القاطعة مثل “متطرف يميني” أو “متطرف إسلاموي”، فإن معظم مصادر التمويل والبرامج لا تزال تعتمد على هذه الثنائية المُبسّطة.
أخيرًا، فمن اللافت للنظر أن هناك نقصًا كبيرًا في البحث التجريبي المخصص لهذا الموضوع. وفي حين أن الصحفيين والناشطين يبذلون جهودًا كثيرة لرسم خريطة المشهد في السنوات الأخيرة، فإن الدراسات التجريبية المتعمقة التي تبحث في الظاهرة والجهات الفاعلة فيها لا تزال نادرة. ومن أجل دعم ممارسات منع التطرف، ودعم السلطات الأمنية، والفهم المجتمعي الشامل لهذه الظاهرة وآثارها المحتملة على الديمقراطية الألمانية، هناك حاجة ماسّة إلى إجراء مزيدٍ من البحوث. ذلك أن البحوث الأولية تشير إلى اختلافات هذه الظاهرة عند مقارنتها بالمشاهد المتطرفة الأخرى، على سبيل المثال فيما يتعلق بالعمر والجنس وهياكل وديناميات الجماعة. وينبغي مواصلة استكشاف هذه الجوانب، فضلًا على الزخم التعبوي المحتمل الذي قد يكون قد نشأ عن طريق اندماج أجزاء من حركة “مواطنو الرايخ” مع “كويردينكر”.
من الناحية المثالية، يجب أن تتضمن البحوثُ الجديدة دراساتٍ مقارنة مع الدول الأخرى التي لديها مشاهد وحركات ذات نزعات سيادية، للتوصل إلى فهمٍ أكثر تفصيلًا للجوهر الأساسي للنزعة السيادية بما يتجاوز السياق التاريخي والمحلي المحدد.
* المدير المشارك لقسم الأبحاث في شبكة منع العنف وباحث في مركز البحوث التطبيقية لمنع التطرف.
المراجع:
[1] Flade et al. 2022 https://www.sueddeutsche.de/politik/reichsbuerger-razzia-festnahmen-verhaftungen-1.5710821
[2] Generalbundesanwalt. 2022. “Festnahmen von 25 mutmaßlichen Mitgliedern und Unterstützern einer terroristischen Vereinigung sowie Durchsuchungsmaßnahmen in elf Bundesländern bei insgesamt 52 Beschuldigten.“ 07.12.2022. Last accessed 17.12.2022. https://www.generalbundesanwalt.de/SharedDocs/Pressemitteilungen/DE/aktuelle/Pressemitteilung-vom-07-12-2022.html?nn=478184
[3] ibid.
[4] ibid.
[5] Zeit Online. 2022a. „Reichsbürger-Gruppierung hatte offenbar zahlreiche Mitwisser.“ 12.12.2022. https://www.zeit.de/politik/deutschland/2022-12/reichsbuerger-razzia-mitwisser-innenausschuss-sitzung last accessed 17.12.2022.
[6] Schönberger, C., 2019, „Geschichten vom Reich, Geschichten vom Recht: Der Fortbestand des Deutschen Reiches als rechtliche Imagination.“ p. 38. In Die Reichsbürger: Verfassungsfeinde zwischen Staatsverweigerung und Verschwörungstheorie, edited by Christoph Schönberger and Sofie Schönberger, 37-70. Frankfurt am Main: Campus Verlag.
[7] Deutsche Anwaltsauskunft. 2018. ‚Ist Deutschland eine GmbH?’ https://anwaltauskunft.de/magazin/gesellschaft/staat-behoerden/ist-deutschland-eine-gmbh?full=1, last accessed 16.12.2022.
[8] Bundesamt für Verfassungsschutz. 2018. ‘Reichsbürger’ und ‚Selbstverwalter’. Staatsfeinde, Geschäftemacher, Verschwörungstheoretiker. Köln: Bundesamt für Verfassungsschutz. URL: https://www.verfassungsschutz.de/SharedDocs/publikationen/DE/reichsbuerger-und-selbstverwalter/2018-12-reichsbuerger-und-selbstverwalter-staatsfeinde-geschaeftemacher-verschwoerungstheoretiker.html, last accessed 16.12.2022.
[9] Keil, J.C., 2017, p. 85. „Zwischen Wahn und Rollenspiel—das Phänomen der ‚Reichsbürger’ aus psychologischer Sicht.” In Reichsbürger. Ein Handbuch, edited by Dirk Wilking, 39-90. Potsdam: Demos—Brandenburgisches Institut für Gemeinwesenberatung. And: Walkenhorst, Dennis und Maximilian Ruf. 2021. “Violent Ego-Centered Sovereignism as A Global Threat? The Case of the German ‘Reichsbürger’ and Implications for P/CVE Research”. In Researching the Evolution of Countering Violent Extremism, p. 231, edited by Farangiz Atamuradova and Sara Zeiger, 223-241. Abu Dhabi: Hedayah Center.
[10] Hüllen, Michael and Heiko Homburg. 2017. „‘Reichsbürger’ zwischen zielgerichtetem Rechtsextremismus, Gewalt und Staatsverdrossenheit.” In Reichsbürger. Ein Handbuch, edited by Dirk Wilking, 13-38. Potsdam: Demos—Brandenburgisches Institut für Gemeinwesenberatung.
[11] Bundesamt für Verfassungsschutz. n.d. „‚Reichsbürger’ und ‚Selbstverwalter’“, 2022, p. 103. https://www.verfassungsschutz.de/DE/themen/reichsbuerger-und-selbstverwalter/reichsbuerger-und-selbstverwalter_node.html, last accessed 16.12.2022.
[12] Zeit Online. 2022b. „Reichsbürgerszene auf 23.000 Personen angewachsen.“ 11.12.2022, https://www.zeit.de/politik/deutschland/2022-12/nancy-faeser-reichsbuerger-gefahr-waffenrecht, last accessed 17.12.2022.
[13] ibid.
[14] Bundesamt für Verfassungsschutz. 2022, p. 103.. Verfassungsschutzbericht 2021. Berlin: Bundesministerium des Innern, für Bau und Heimat. https://www.bmi.bund.de/SharedDocs/downloads/DE/publikationen/themen/sicherheit/vsb-2021-gesamt.pdf?__blob=publicationFile&v=4, last accessed 16.12.2022.
[15] Rathje, Jan. 2021. „‘Reichsbürger’ und Souveränismus.” APuZ: Aus Politik und Zeitgeschichte 71, no. 35-36: 34-40.
[16] e.g., Speit, 2017, p. 9.
[17] Dittrich, Miro. 2021. „Zwischen Militärgericht und ‚Corona-Diktatur’: QAnon und der ‚Tag X’“ In Die Bundestagswahl 2021. Welche Rolle Verschwörungsideologien in der Demokratie spielen, edited by CeMAS, 46-53. Berlin: CeMAS. https://cemas.io/publikationen/die-bundestagswahl-2021-welche-rolle-verschwoerungsideologien-in-der-demokratie-spielen/die-bundestagswahl-2021-welche-rolle-verschwoerungsideologien-in-der-demokratie-spielen.pdf, last accessed 16.12.2022.
[18] ibid.
[19] Bundesamt für Verfassungsschutz. n.d. „‚Reichsbürger‘ und ‚Selbstverwalter‘“ https://www.verfassungsschutz.de/DE/themen/reichsbuerger-und-selbstverwalter/reichsbuerger-und-selbstverwalter_node.html, last accessed 17.12.2022.
[20] Generalbundesanwalt. 2022. “Festnahmen von 25 mutmaßlichen Mitgliedern und Unterstützern einer terroristischen Vereinigung sowie Durchsuchungsmaßnahmen in elf Bundesländern bei insgesamt 52 Beschuldigten.“ 07.12.2022. Last accessed 17.12.2022. https://www.generalbundesanwalt.de/SharedDocs/Pressemitteilungen/DE/aktuelle/Pressemitteilung-vom-07-12-2022.html?nn=478184
[21] Götschenberg, Schmidt and Bräutigam. 2022. „Razzia wegen geplanten Staatsstreichs.“ 07.12.2022, https://www.tagesschau.de/investigativ/razzia-reichsbuerger-staatsstreich-101.html, last accessed 17.12.2022.