في الأسبوع الماضي، فرضت كندا حزمة ثالثة من العقوبات موجهة ضد الحكومة الإيرانية بسبب “الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان” التي ترتكبها السلطات الإيرانية في إطار حملة قمع حركة الاحتجاج المستمرة منذ أشهر.
الجدير بالذكر أن هناك احتجاجات خطيرة ومتكررة تعصف بإيران منذ يونيو 2022. في البداية، اندلعت الاحتجاجات لأسبابٍ اقتصادية، على الرغم من وجود عنصر سياسي مهم دائمًا، حيث تُحمّل الجمهورية الإسلامية المسؤولية عن الظروف الاقتصادية الصعبة. ومنذ أن قتلت شرطة الأخلاق الإيرانية مهسا أميني البالغة من العمر 22 عامًا في منتصف شهر سبتمبر الماضي، تحوّل تركيز الاحتجاجات بالكامل إلى السياسة، ولم تعد المطالب هي إجراء إصلاحات لتحسين الوضع الاقتصادي، المطلوب الآن الإطاحة بنظام الملالي: الهتاف الشعبي هو: “الموت للديكتاتور”، في إشارة إلى المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، وأحيانًا يهتف الإيرانيون مباشرة “الموت لخامنئي“.
إن وفاة أميني ليست سوى الرمز الأبرز للهجمات الشرسة التي يشنها النظام الإيراني على المدنيين المشاركين فيما تبدو وكأنها ثورة وليدة. في مواجهة ذلك، يستخدم جهاز الأمن الإسلامي التابع للحرس الثوري الإسلامي، تحديدًا جناحه التطوعي المحلي المعروف باسم “الباسيج”، الذخيرة الحيّة لقمع المتظاهرين، و”يخفي” المتظاهرين الذين تعرّفت عليهم السلطات من خلال المراقبة، ويستخدم التعذيب والاغتصاب بشكلٍ روتيني ضد السجناء.
علاوة على ذلك، يشرف الحرس الثوري الإيراني على عمليات مثل الحريق في سجن إيفين في 15 أكتوبر: ما قال النظام إنها أعمال شغب، ومحاولة للهروب من السجن، كانت في الواقع وسيلة لقتل السجناء، إما أولئك الذين يمكن أن يتسببوا في مشكلاتٍ لنظام الملالي في وضعٍ ثوري أو فقط انتقامًا لمعارضتهم لنظام ولاية الفقيه.
ردًا على هذا السلوك، أعلنت الحكومة الكندية عن حزمة جديدة من العقوبات في 19 أكتوبر، حيث “أدرجت ستة أفراد وأربعة كيانات من بين أسوأ المجرمين الذين شاركوا في انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان أو سهلوا القيام بها بما في ذلك انتهاكات ضد النساء الإيرانيات، ونشروا دعاية لتبرير قمع النظام الإيراني واضطهاده لمواطنيه”: تتضمن هذه القائمة، على سبيل المثال لا الحصر، ما يلي:
- مجلس صيانة الدستور: كيان يمنع المشاركة الهادفة في الانتخابات الإيرانية من خلال استبعاد المرشحين الذين لا يعارضون أيديولوجية النظام، ويدعم القوانين التي تنتهك بشكلٍ منهجي حقوق الإنسان للإيرانيين؛
- مجلس الخبراء: كيان متورّط في انتهاكاتٍ جسيمة ومنهجية لحقوق الإنسان بسبب إهماله في التمسك بالأحكام الدستورية مثل المادة 38 التي تحظر التعذيب؛
- مجلس تشخيص مصلحة النظام، كيان يتألف من كبار مسؤولي النظام الذين يقدمون المشورة للمرشد الأعلى الإيراني في مجالات السياسة كافة وفي التوسط في النزاعات التشريعية بين البرلمان الإيراني ومجلس صيانة الدستور. كما أنه يؤيد القوانين التي تنتهك بشكل منهجي حقوق الإنسان للإيرانيين؛
- سيد ماجد مير أحمدي، نائب وزير الداخلية؛
- محمد كرامي، قائد الفرقة العملياتية لفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني في سيستان وبلوشستان؛
- وعزت الله ضرغامي، الرئيس السابق لهيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية الإسلامية.
هذه التدابير تحظر التعامل مع الأفراد والكيانات المدرجة أسماؤهم في القائمة، ما يؤدي فعليًا إلى تجميد أي أصول قد تكون بحوزتهم في كندا. بموجب هذه اللائحة أيضًا، يصبح الأفراد المدرجون في القائمة بسبب هذه الانتهاكات الجسيمة والمنهجية لحقوق الإنسان غير مقبولين في كندا بموجب قانون الهجرة وحماية اللاجئين.
من خلال فرض عقوبات على المؤسسات التنفيذية وكبار المسؤولين في الجمهورية الإسلامية، تبدو كندا وقد صنّفت في الواقع النظام الإيراني باعتباره نظامًا إجراميًا. وبالمثل، وبالنظر إلى النفوذ المتغلغل للحرس الثوري الإيراني داخل النظام، كان هذا هو موقف الولايات المتحدة فعليًا منذ تصنيف الحرس الثوري الإيراني منظمة إرهابية أجنبية في أبريل 2019، خلال إدارة الرئيس دونالد ترامب. (راجع الرئيس جو بايدن هذا القرار وقرر الإبقاء على التصنيف في مايو 2022).
تجدر الإشارة إلى أن الملالي استولوا على السلطة في فبراير 1979 وبحلول نهاية ذلك العام كانوا قد أظهروا تهديدهم للسلم والأمن الدوليين. في نوفمبر 1979، استولى “الطلاب” على السفارة الأمريكية، وظلوا يحاصرونها لأكثر من عام، وفي الشهر التالي قتل ابن شقيق الشاه المخلوع في فرنسا. طريقة الحكم الإجرامية هذه لن تتوقف أبدًا.
لقد هدد رئيس الحرس الثوري الإيراني السعودية لأنه لم يعجبه المحتوى على قنواتها الإعلامية، تدخلٌ شائنُ في الشؤون الداخلية لدولةٍ أخرى، ولكنه سلوكٌ روتينيٌّ تمامًا من النظام الإيراني.
إن تحرُّك كندا نحو الاعتراف بالنظام الإيراني كدولة خارجة عن القانون سيكون موضع ترحيبٍ كبير في أي ظرف من الظروف، ولكنه كذلك بشكلٍ خاص في سياق الإيرانيين داخل إيران والمهاجرين في جميع أنحاء العالم الذين ينزعون غطاء الشرعيّة عن الجمهورية الإسلامية، ويحاولون التراجع عن الخطأ الذي ارتكبوه قبل أربعين عامًا.
إن هؤلاء الناس الشجعان يستحقون التضامن الدولي، ليس فقط من باب اللياقة الإنسانية، ولكن لأن ذلك في مصلحة كل من يريد تعزيز الاعتدال والاستقرار في النظام الدولي. وقد قدَّمت كندا خريطة طريقٍ لكيفية القيام بذلك، وينبغي للآخرين أن يحذو حذوها.