يخضع المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا، المنظمة الإسلامية الجامعة، منذ تأسيسه لهيمنة الجهات الفاعلة التي تنتمي إلى المركز الإسلامي في آخن أو الذين كُلّفوا بالعمل فيه. وفي حين يتراجع نفوذ إيران على المجلس، الذي كان ضعيفًا لبعض الوقت، فإن المنظمات المرتبطة بجماعة الإخوان المسلمين، وإحدى المنظمات التي تنتمي لطيف الذئاب الرمادية، لا تزال ممثلة بقوة. يأتي هذا مع الاستبعاد الرسمي لأكبر منظمة متأثرة بجماعة الإخوان المسلمين في ألمانيا، التجمع الإسلامي الألماني (DMG).
ومن المهم التمعن في قائمة من يشغلون مناصب مجلس الإدارة بعد الانتخابات، وتحليل الشخصيات والمنظمات التي تقف وراء هذا المجلس، وفحص علاقاتهم واتصالاتهم في الخارج.
وفقًا لميثاق المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا -الذي ظلَّ دون تغيير تقريبًا لسنوات- يرى المجلس نفسه مُمثِلًا للمسلمين الذين ينحدرون من مجموعة واسعة من الدول في الشتات. وقد انبثق المجلس عن الفريق الإسلامي في ألمانيا في عام 1994 ويرى نفسه جماعة دينية بموجب القانون الألماني، وهو وضعٌ لم يحققه حتى يومنا هذا.
ويمكن أن يعود سبب عدم الاعتراف به إلى الطبيعة غير المُلزمة للمذاهب الدينية لجميع الأعضاء والمنظمات الفرعية، وهو أمرٌ مطلوب قانونيًا في ألمانيا. كما أن كثيرًا ما يخضع أعضاء المجلس للمراقبة من جانب مكتب حماية الدستور في ألمانيا، وقد وردت أسماؤهم صراحة في تقارير تتعلق بإجراءاتٍ مناهضة للدستور.
تشكيل المجلس
يُعد المجلس الأعلى نوعًا من التحالف الإسلامي غير الطائفي الذي يشارك فيه لسنواتٍ أيضًا مسؤولون من منظمات موالية للنظام الإيراني مثل المركز الإسلامي في هامبورج (IZH)، (المسلمون الشيعة من أصل تركي يشكِّلون أكبر مجموعة مسلمة في ألمانيا).
ولم يكن الاتحاد التركي الإسلامي للشؤون الدينية (DITIB) أكبر منظمة مظلة تركية قريبة تقليديًا وتنظيميًا من الحكومة التركية، أبدًا، عضوًا في المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا. ولم تنضم الجماعة الأحمدية، التي لها وجود قوي في ألمانيا بعدد يصل إلى قرابة 40,000 مسلم، إلى أي منهما، وهو أمر ليس غريبًا.
ومع ذلك، فإن الأشخاص من أصل تركي ليسوا فقط أعضاء مؤسسين في المجلس، ولكنهم ترشحوا مرارًا وتكرارًا كأعضاء مجلس الإدارة، جنبًا إلى جنب مع الاتحاد الأوروبي التركي الإسلامي، وهو منظمة مظلة قريبة من الذئاب الرمادية، لديها زهاء 130 مسجدًا في جميع أنحاء ألمانيا.
وبصرف النظر عن الاتحاد الأوروبي التركي الإسلامي، يُمثل المسلمون غير الأتراك الأغلبية في المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا. بالمقارنة مع المنظمات الإسلامية الجامعة الأخرى، التي هي في الغالب منظمات من أصل تركي، فإن المجلس الأعلى يظل جمعية صغيرة نسبيًا. أما فيما يتعلق بالمسلمين الذين يمثلهم، فهو يعد أكثر حضورًا في وسائل الإعلام مقارنة مع الجمعيات الأخرى من خلال رئيسه أيمن مزيك.
في حين أن التنظيم الأصلي لأعضاء مجلس الإدارة لا يزال في بعض الأحيان معروفًا، حيث يمكن استخدامه لاستنتاج نوعية الأعضاء، فإنه لا يمكن التعرّف على الأعضاء الآخرين بسهولة. يعود تاريخ آخر دليل متاح للجمهور إلى نهاية عام 2016. ولا تعرف الحكومات المختلفة في الهيئات الفيدرالية وهيئات الولايات الألمانية سوى القليل عن الهيكل الداخلي للمجلس الأعلى لأن المجلس ليس لديه دليل للأعضاء. ومع ذلك، تُقدم الأموال العامة لمشروعات المجلس أو للمؤسسات التابعة لشخصيات فيه، مثل شركة “الخدمات الاجتماعية ورعاية الشباب”.
بالإضافة إلى المنظمات الجامعة التي تشكّل العمود الفقري للمجلس الأعلى، فإن عددًا من الجمعيات والمؤسسات الفردية هي أيضًا أعضاء في المجلس أو مدرجة “كأعضاء منتسبين” في آخر دليل متاح من عام 2016. ومن بين هذه الجماعات “مجلس الأئمة والعلماء في ألمانيا” (RIGD)، تحالف من الأئمة يزعم مكتب حماية الدستور في هيسن أن له صلات بجماعة الإخوان المسلمين.
كل أنواع الضبابية المتعلقة بالمجلس تنتشر حاليًا على الصعيد الدولي مع فيضٍ من المعلومات، بعضها صحيح وبعضها لا يمكن التيقن منه. فقد أشارت وسائل الإعلام المصرية، على سبيل المثال، إلى أن المنظمات التي يضطلع إبراهيم الزيات -الرئيس السابق لـ (التجمع الإسلامي في ألمانيا IGDوحاليا التجمع الإسلامي الألماني DMG)- بدورٍ فيها، استبعدت من الانتخابات الأخيرة. وذكرت أنه فقد منصبه كأمين عام لها. والثابت أن الزيات لم يكن أبدًا أمينًا عامًا للمجلس الأعلى، لكنه كان الأمين العام للجمعية السابقة.
وفقًا للنظام الأساسي للمجلس الأعلى -مجموعة داخلية من القواعد المتعلقة بالرؤية والرسالة والعمليات التنظيمية المنصوص عليها في قانون الجمعيات الألماني- تُعقد انتخاب مجلس إدارة المجلس كل ثلاث سنوات. قبل الانتخابات التي يُعلن عنها الآن، أُعلن عن آخر مجلس إدارة في عام 2016 وكان يتألف من ممثلين عن المنظمات التي حُلّت أو استبعدت منذ ذلك الحين.
بالإضافة إلى التجمع الإسلامي الألماني، يتم تضمين المركز الإسلامي في هامبورج، والاتحاد الأوروبي التركي الإسلامي، أيضًا في التقارير الحالية الصادرة عن مكتب حماية الدستور. الاتحاد هو منظمة جامعة، والمركز الإسلامي في هامبورج يهيمن على منظمةٍ جامعة للمنظمات الشيعية تُسمى الرابطة الشيعية للجمعيات الشيعية في ألمانيا (IGS). وكان مجلس الإدارة، الذي كان فاعلًا حتى وقتٍ قريب، يتألف أساسًا من أشخاص ينتمون إلى منظمات تخضع لمراقبة مكتب حماية الدستور.
تغييرات مجلس الإدارة
يتكون المجلس من تسعة أعضاء، هم: الرئيس “أيمن مزيك”، والأمين العام “عبد الصمد اليزيدي”، والنائبان “أوزليم باشوز” و”دانيال عابدين”، وأمين الصندوق، “محمد أبو القمصان”، وأعضاء آخرون في مجلس الإدارة، من بينهم “سمير بوعيسى”، و”عبد الكريم أهروبا”، و”نورهان سويكان”، و”محمد خلوق”. وهذا يعني إضافة خمسة أشخاص إلى المجلس التنفيذي، وحدوث تغييرات، كما هو الحال في كثيرٍ من الأحيان، في وظائف أخرى. ولم يعد كل من “هويدا تراجي” و”حمزة وفوردمان” و”محمد البرسلان جلبي” و”برهان الدين داج” و”صادق الموصلي” أعضاء في مجلس الإدارة.
حاليا فإن “داج”، لن يُمثل المركز الإسلامي في هامبورج بعد الآن. المجلس الآن سُنيٌّ صرف. يبدو أن المركز الإسلامي لم يعد يشعر بأنه ممثل ومحمي بما فيه الكفاية من قبل المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا، لأن الأخير لم يرد بشكلٍ كافٍ على الانتقادات العامة للمركز في السنوات الأخيرة.
لا يزال رئيس المجلس، حتى الآن، يُعين في الغالب رئيسًا للمركز الإسلامي في آخن، الذي يعود تأسيسه إلى الإخوان المسلمين السوريين. قبل سنوات، صنّف المركز من قبل مكتب حماية الدستور، جنبًا إلى جنب مع المساجد التابعة له، كثاني أكبر كيان مقرّب من جماعة الإخوان المسلمين، بعد التجمع الإسلامي الألماني. ولا يزال “فوردمان” يتولى هو و”مزيك” إدارة شركة “الخدمات الاجتماعية ورعاية الشباب” (حتى نهاية سبتمبر). وقد تعرّضت “الرابطة الحرة للمسلمين”، جمعية يديرها فوردمان، لانتقاداتٍ بعد تنظيمها معرضًا تعليميًا ظهرت فيه أنشطة الإخوان المسلمين.
عُيّنت “تراجي” في التجمع الإسلامي في ألمانيا، لأنها كانت نائبة إبراهيم الزيات عندما كان مسؤولًا عنها. ووفقًا لأحدث المعلومات، فإن تراجي متزوجة من مسؤول كبير سابق في الإغاثة الإسلامية يدعى “المعتز طيارة”، الذي اضطر إلى الاستقالة في عام 2020 بسبب تعبيره العلني عن تعاطفه مع حماس. كان “طيارة” مسؤولًا أيضًا عن مؤسسة تعليمية مرتبطة بالحركة. وتشير أحدث المعلومات إلى أن “فوردمان” لم يعد أمين صندوق المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا.
“جلبي” هو ابن مؤسس الاتحاد الأوروبي التركي الإسلامي “موسى سردار جلبي”، كما شغل مناصب داخل الاتحاد. ومنذ ذكر الاتحاد في المكتب الاتحادي لحماية الدستور، واجهت الجماعة انتقادات متجددة.
كان “اليزيدي” و”خلوق” و”أهروبا” أعضاء مجلس إدارة جمعية لم تعد موجودة، منظمة جامعة تُعرف باسم “الرابطة الألمانية الإسلامية في راين-ماين” (DIV). تعرّضت هذه الجماعة لانتقاداتٍ علنية في عام 2016 عندما أصبح من المعروف أنها وبعض أعضاء مجلس إدارتها كانوا يخضعون لمراقبة مكتب حماية الدستور. حُلت المنظمة في عام 2018. وقد كانت الجمعية عضوًا في المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا، وكان أعضاء الجمعية الثلاثة أعضاء في مجلس إدارته في عام 2016.
وردًا على الانتقادات، وعد المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا، في ذلك الوقت، بأنه سيدرس هذه المزاعم. وشملت المزاعم تورّط الإخوان المسلمين والمؤسسات السلفية في المنظمة الجامعة. ويبدو أن هذا التدقيق الأمني قد انتهى الآن. ويُقال أيضًا إن “خلوق” جزء من المجلس العلمي التابع للمجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا، الذي أعلن عنه في عام 2016. ولم يعلن سوى عن عضوين إلى ثلاثة أعضاء في هذا المجلس العلمي. شغل خلوق لفترة وجيزة منصب عضو هيئة التدريس في كلية الشريعة والدراسات الإسلامية في جامعة قطر في الدوحة، بين عامي 2014-2015. أما أهروبا فهو متخصص في التمويل.
النواب الجدد
يأتي النواب الجدد “أيمن مزيك” و”أوزليم باشوز” و”دانيال عابدين” من منظماتٍ مختلفة. “باشوز” هو الأمين العام للاتحاد الأوروبي التركي الإسلامي. “دانيال عابدين” هو رئيس مجلس إدارة الجمعية الراعية لمسجد النور في هامبورج. وقد أعيد بناء هذا المسجد قبل بضع سنوات. ووفقًا لوسائل الإعلام، جاءت الأموال من الكويت، ربما من بيت الزكاة. وفي الوقت نفسه، ظهرت نورهان سويكان، نائبة أيمن مزيك في الدورة البرلمانية الأخيرة، إلى العلن عندما أرادت وزارة الخارجية الألمانية توظيفها كمستشارة.
غالبًا ما يُنظر إلى التجمع الإسلامي الألماني على أنه يخضع لهيمنة المصريين، الذي، من حيث التاريخ التنظيمي، يعود إلى الدور الرائد القوي الذي يضطلع به المركز الإسلامي في ميونيخ (IZM). وقد تأسّس هذا المركز في أوائل فترة الستينيات على يد “سعيد رمضان”، صهر مؤسس جماعة الإخوان المسلمين حسن البنا. ويعد المركز سلف التجمع الإسلامي في ألمانيا اليوم.
في الوقت نفسه، انضم إلى المركز المتنامي أيضًا مسلمون من أصولٍ أخرى، ولكنهم ذوو أيديولوجيةٍ مماثلة. وعلى الرغم من أن المركز الإسلامي في ميونخ انسحب رسميًا من التجمع الإسلامي في ألمانيا في عام 1982، فإن المهاجرين السوريين استمروا في أداء دورٍ مهم، وشغلوا مناصب قيادية في التجمع، أو في المنظمات المقرّبة منه.
وبالتالي، فإن الفصل الرسمي بين التجمع الإسلامي، والمركز الإسلامي في آخن، والمركز الإسلامي في ميونخ، لا يبدو واضحًا، ولكنه مجرد اختلاف دقيق أو تكتيك استراتيجي. “تراجي”، على سبيل المثال، من أصل سوري وكانت نائبة للزيات، مصري الأصل.
سبل الحصول على التمويلات
في أعقاب استبعاد التجمع الإسلامي الألماني من المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا في يناير من هذا العام، لا تزال العلاقة قائمة، وإن بشكلٍ سري. قد يكون السبب هو الرغبة في الحصول على تمويلاتٍ حكومية في ألمانيا على الرغم من أهداف الجماعة طويلة الأجل ومراقبة الأعضاء من قبل مكتب حماية الدستور. وفي حين أن التمويل الحكومي للمنظمات التي تراقبها الدولة أمر صعب، فإنه ليس مستحيلًا في ألمانيا. في الواقع، بعض مشروعات المجلس الأعلى تُموّل من القطاع العام.
في حين أن جماعة الإخوان المسلمين -مصرية المنشأ- في ألمانيا تُؤخذ الآن على محمل الجد كمنظمةٍ متطرفة بشكلٍ محدود، فإن السياسيين يتوددون إلى أعضاء جماعة الإخوان المسلمين من أصولٍ أخرى، ويسمحون لهم بالمشاركة في المشروعات التي تموّلها الدولة. وعلى وجه الخصوص، حققت جماعة الإخوان المسلمين من أصل سوري نجاحًا كبيرًا على المستوى السياسي، وفي وسائل الإعلام، من خلال المنظمات التباعة لها.
جماعة الإخوان تشكّل النواة الأساسية للمجلس الأعلى
الصلات بين المجلس الأعلى للمسلمين، وبين الشبكة الوطنية والدولية لجماعة الإخوان المسلمين، موثّقة منذ سنوات عديدة. ومع ذلك، فإن هذه الروابط لا توجد فقط من خلال العضوية المؤسسية السابقة للتجمع الإسلامي. فهي موجودة من خلال أعضاء آخرين، وجمعيات ومؤسسات فردية.
وبالتالي، فإن الاستبعاد الرسمي للتجمع الإسلامي لا يعدو عن كونه مجرد تغيير شكلي. الجمعيات والأفراد المقرّبون من جماعة الإخوان المسلمين يشكلون جوهر المجلس الأعلى، حتى لو لم يكونوا يعملون بشكلٍ مباشر في التجمع الإسلامي. وغنيٌ عن القول إن التجمع الإسلامي لا يعلن رسميًا عن أيٍّ من أعضائه، والبيانات الصحفية للمجلس الأعلى تفتقر إلى الشفافية.
بالإضافة إلى المشاركة الطويلة الأمد لمسؤولٍ واحد على الأقل من المركز الإسلامي في آخن في المجلس الأوروبي للفتوى والبحوث (ECFR)، (محمد الهواري في عام 2015)، هناك أيضًا أدّلة أكثر حداثة مثل مؤتمر لعام 2018، الذي يُقال إنه عقد في المركز الإسلامي في آخن. كما يرحب “مزيك” وأمينه العام بضيوف في منظمة التعاون الإسلامي ورابطة العالم الإسلامي. يمكن للمرء أن يخمن أن مثل هذه المؤتمرات لا تتعلق بتعزيز الاندماج بقدر ما تتعلق بالدفاع عن هوية إسلامية متخيّلة، وتحديد أولوياتها.
منذ تأسيس جماعة الإخوان المسلمين، يتحاشى مسؤولوها الاعتراف علنًا بعضوية الجماعة. ويُنظر إلى جماعة الإخوان المسلمين بشكلٍ متزايد على أنها تهديد للنظام القائم بسبب سعيها إلى السلطة السياسية. ونظرًا لأن الجماعات العنيفة كثيرًا ما تنبثق عن جماعة الإخوان المسلمين، ولا يوجد حتى الآن أي نبذ رسمي للعنف، فإن جماعة الإخوان المسلمين تُصنّف الآن على أنها تنظيم إرهابي، حتى في بلدها الأصلي، مصر.
تكتيكات الإخوان المسلمين في الغرب
في الغرب، تصوّر جماعة الإخوان المسلمين نفسها كحركة سياسية يُفترض أنها تعتمد على الحوار والتكيّف مع المجتمع الذي تعمل فيه. ولكن في الوقت نفسه، تتخذ خطوات سريّة تشير إلى استراتيجية طويلة الأجل للانتشار والتسلل واكتساب النفوذ السياسي. بالإضافة إلى اختراق هياكل الدولة، تشمل مجموعة أدواتها أيضًا إنشاء نوادٍ ومنظمات جديدة. وفي ألمانيا، لا تتسلل جماعة الإخوان المسلمين إلى منظمات الدولة فحسب، بل إلى الروابط التعليمية وجمعيات الرعاية الاجتماعية والمبادرات البيئية أيضًا.
لطالما جعل أعضاء جماعة الإخوان المسلمين أو أنصارها الإسلام أكثر من مجرد دين بل أسلوب حياة. وينبغي أن يكون لجميع الأنشطة دلالات دينية، وأن تخضع جميع أعمال هذه المنظمات ومواقفها للقواعد الإسلامية.
الاستراتيجية المشتركة للكيانات القريبة من جماعة الإخوان المسلمين لسنوات، على مستوى البلديات خاصة، هي كسب ود المنظمات والجهات الفاعلة اليهودية كمتعاونين في المشروعات، لإظهار تسامح الجماعة. ونظرًا لأن الموقف تجاه إسرائيل لم يتغيّر، ولكن التعبير الصريح والمباشر عن هذا الموقف ليس مرغوبًا فيه سياسيًا، فإنها تحاول التمييز بين اليهود الغربيين، وأولئك الذين يدافعون عن إسرائيل.
يودّ المجلس الأعلى للمسلمين أن يُنظر إليه على أنه جهة فاعلة في المجتمع المدني، لكنه ليس كذلك. لذا، فإنه يحتاج إلى الاعتراف به من الفئات الاجتماعية الأخرى، ويغازلها وفقًا لذلك من أجل التصدي للمخاوف المتعلقة بمعتقداته الحقيقية. وهذه استراتيجية أوصت بها رابطة العالم الإسلامي أيضًا منذ سنواتٍ عدة.
لعل أحدث مثال على ذلك هو مشروع الحوار الذي أطلقه المجلس الأعلى تحت اسم “الوقوفُ كتفا بكتف”. بالإضافة إلى مسؤولي المجلس الأعلى، يشارك في المشروع أعضاء مجلس إدارة المجلس المركزي لليهود في ألمانيا. ومما يُؤسف له أن “الشخصية الرئيسة” هو الأمين العام السابق للمجلس المركزي لليهود، ستيفان كريمر، الذي شارك في المشروع.
وقد أضفى كريمر -الذي يشغل في الوقت الحالي منصب رئيس مكتب حماية الدستور في تورينجن- الشرعية على المجلس الأعلى بدعمه الشخصي، وجعل الإسلامويين حاضرين في المشهد العام. في تصريحات له سابقة حول ورقة عمل للحزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي، أكبر حزب محافظ في ألمانيا، طعن كريمر في الظهر مسؤولين آخرين في حماية الدستور.
الجدير بالذكر أن هذا المشروع المشترك قد حصل على جائزة في الدوحة. المؤسسة المانحة هي مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان في قطر. والمركز موجود منذ عام 2011 ويهدف إلى تعزيز “الحوار بين الأديان”. ونظرًا لأن الحوار بين الأديان ليس غاية في حد ذاته، بل هو وسيلة لتحقيق أهداف محددة، فمن المهم التساؤل عن الجهات التي يمثل مصالحها.
في وقتٍ مبكر من عام 2011، بعد فترة وجيزة جدًا من تأسيسه، زار وفد من جماعة الإخوان المسلمين الألمانية المركز. وكانت زيارة المركز ولقاء شخصي مع مديره على جدول أعمال مجموعة السفر الصغيرة والحصرية إلى حد ما، فضلًا عن اجتماع جمهور صغير مع “يوسف القرضاوي” الذي توفي مؤخرًا. الجدير بالذكر أن مجلس الإدارة يضم “بلال”، شقيق “إبراهيم الزيات”، و”خالد حنفي” المسؤول في المجلس الأوروبي للبحوث والفتوى. وفي مايو 2022، قبل “اليزيدي”، الأمين العام للمجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا، جائزة من مركز الدوحة تقديرًا لمشروع الحوار المُشار إليه أعلاه.
الخلاصة
استبعاد التجمع الإسلامي الألماني لم يكن ضربة قاتلة، وإن كان ضربة مُوجِعَة. إذ أنه في ظلِّ وجودِ ممثلين عن منظمات مقرّبة من جماعة الإخوان المسلمين، وممثلين عن جماعاتٍ أخرى، مشكوك فيها مثل الذئاب الرمادية، لا يزال المجلس الأعلى للمسلمين ممثلًا إشكاليًا لا يمكن إخفاء دوافعه الحقيقية بالتدَثُّر بعباءة “المنظمة المظلة”.
وعليه، يجدر بالسياسيين ووسائل الإعلام عدم الخلط بين تغييرات الأفراد والتغييرات الجوهرية. فلا تزال هناك إشكاليات تتعلق بالتأثيرات المتطرفة والتمويل الأجنبي المشكوك فيه للمجلس.
* يسعى موقعُ «عين أوروبية على التطرف» إلى نشرِ وجهاتِ نظرٍ مختلفة، لكنه لا يؤيد بالضرورة الآراء التي يُعبِّر عنها الكتّابُ المساهمون، والآراء الواردة في هذا المقال تُعبِّر عن وجهةِ نظر الكاتب فقط.