أحمد عكاري
تشهد الدنمارك خلال الفترة الأخيرة صعودًا كبيرًا للعصابات. ومنذ الحرب العالمية الثانية، لم تشهد البلاد مثل تلك التوترات في الشوارع، فيما يشتكي السياسيون والمواطنون من عمليات إطلاق النار التي تحدث في الأحياء، بما في ذلك السياسيون الأقل تشددًا في قضية دمج المهاجرين.
أطلق الرصاص على 9 أشخاص في 11 يومًا من شهر سبتمبر/أيلول 2018، ضمن سلسلة من عمليات إطلاق نار في شمال غربي كوبنهاغن. ورغم محاولات الشرطة لفرض الأمن، إلا أن العنف استمر، حتى مع إطلاقها النار على العصابات في الشوارع. الوضع أصبح موحشًا في الشوارع وأكثر خطرًا.
عام 2017، أصيب 64 شخصًا في 60 عملية إطلاق نار، وهو العدد الأكبر منذ عام 2008، عندما بدأت الشرطة بتسجيل حوادث إطلاق النار. وفي مقارنة مع بقية الدول، يبدو الرقم صغيرًا، لكنه بالنسبة للدول الإسكندنافية يبدو خطيرًا.
أعطت عمليات التفتيش للشرطة صلاحيات خاصة، الأمر الذي أسفر عن اعتقال الكثير من المتورطين في ذلك. وبات من المعروف الآن أن عصابتي “بروثا” و”لويال توفايميليا” متورطتان في حرب طويلة الأمد تتسم بكثير من عمليات الانتقام.
يبرز ذلك تساؤلات عدة، هي:
- لماذا ازدادت قوة العصابات بهذه الطريقة، رغم وجود إجراءات أمنية صارمة في تتبع الأنشطة الإجرامية؟
- لماذا ينضم الشباب إلى العصابات رغم امتلاك الدولة أكبر القطاعات العامة انتشارًا، ورغم استثمار الدنمارك في برامج مكافحة التطرف على مدى عقود، وتواصل موظفيها مع المدارس والجامعات بهدف التصدي لتلك الأفكار؟
- معظم عمليات إطلاق النار حدثت في مناطق يسكنها أشخاص من الشرق الوسط وشمال إفريقيا، لماذا لا يجري توضيح ذلك بشكل مباشر؟
- ما هو نوع المخاطر التي تضعها تلك العصابات على المجتمع، عندم نعلم أن هذه العصابات لا تحمل أيديولوجيات إسلامية؟
- هل يمكن أن يكون نمط الحياة الدينية وسيلة للخروج من حياة الشباب المضطربة، أم يمكن أن يشجعهم ذلك على ارتكاب المزيد من أعمال العنف؟
يمكن لأعضاء العصابات من الشباب الذين يجدون السلام في التعاليم الدينية أن يكونوا حلًا؛ فإذا اجتذبتهم الأفكار المعتدلة فإن التأثيرات ستكون إيجابية للغاية. أما إذا جرى السيطرة على هؤلاء من قبل مجموعات متطرفة، فإن تأثيرات ذلك ستكون خطيرة جدًا. وإذا اندمجت الأفكار المتطرفة لدى الشباب مع الجماعات المتطرفة، فإن ذلك سيؤدي إلى اندماج العصابات مع التعاليم الطائفية، وسيصبح لذلك آثار خطيرة.
الكثير من المجرمين يحظون بتربية مضطربة، ولا يعيشون حياة دينية. وفي غضون فترة قصيرة، يصبح لهؤلاء توجهات متطرفة، ويتلقون الأوامر من الزعماء الدينيين بدلًا من قيادات العصابات.
هذا يعني أن العصابات ذات الجذور الشرق وسطية قد تشكل خطرًا أمنيًا محتملًا على أوروبا؛ فهي ليست عصابات بالمعنى التقليدي، لأنها تجمع بين قيم العصابات وبين الفكر الديني المتشدد.
لقد لاحظنا في مرات عدة كيف حلت المراكز الثقافية الإسلامية العصابات، بالاستفادة من سلطتها الدينية.
أعتقد أن على السلطات الدنماركية والاسكندنافية أن تفكر في سياست الدمج العرقي التي تستخدمها، بالاستفادة من أن الظروف الاجتماعية الاقتصادية ليست إلا جزءًا من الحل. ويمكن القول إن الطرق القديمة في التفكير ليست إلا تضليلًا ومضيعة للجهود والأموال.
بدلًا من ذلك، لا بد من التركيز على ضرورة احترام سلطة الدولة، وخلق العقول النقدية في المؤسسات الاجتماعية. ومن المهم التركيز على الحلول الرافضة للسلوك السيء، وليس رؤيتها كجزء من الحل فقط.
صحيح أن هناك مجموعة من الخطوات التي جرى اتخاذها نحو قوانين أكثر صرامة، لكنني أعتقد أن العصابات موجودة بسبب المجتمعات التي تسمح لها ذلك، وليس بسبب القوانين التي يجري التصويت عليها في البرلمان.
النص كاملًا متوفر باللغة الإنجليزية هنا