كايل أورتن*
لا شيء يظلُّ سرًا في سوريا لفترةٍ طويلة، فقرابة الساعة 22:30 بتوقيت بريطانيا في 2 فبراير، اتضح أن الولايات المتحدة شنَّت عملية برية في سوريا، لم تنفِّذ مثلها سوى مرات قليلة منذ الأول من مايو 2015. بعد الكثيرِ من التكهنات، أعلن الرئيس جو بايدن في بيانٍ مقتضب مقتل زعيم تنظيم داعش أو “الخليفة” أبو إبراهيم الهاشمي القريشي، واسمه الحقيقي أمير محمد المولى، خلال غارة أمريكية على مخبئه. وكان المولى قد أعلن زعيمًا للتنظيم في 31 أكتوبر 2019، بعد مقتل سلفه إبراهيم البدري (أبو بكر البغدادي) في 27 أكتوبر.
ثمة أوجه تشابه واضحة بين الغارتين اللتين قتلتا المولى والبدري: فقد تم العثور على كليهما، بشكلٍ غير متوقع في محافظة إدلب في شمال غرب سوريا -المولى في أطمة والبدري على بعد حوالي خمسة عشر ميلًا إلى الجنوب في باريشا- وكلاهما قتل نفسه بتفجير حزامٍ انتحاري، تجنبًا لقتله أو أسره على يد القوات الخاصة الأمريكية.
بيان بايدن حول الغارة أضاف نقطتين فقط تستحقان تسليط الضوء: أولًا، فجّر المولى نفسه في الطابق الثالث من المنزل الآمن في انفجارٍ هائل تسبب في مقتل أفراد أسرته الذين كان يحتفظ بهم معه كدروع بشرية. على الرغم من كل ما يقوله تنظيم داعش وغيره من الجهاديين علنًا عن قسوة الولايات المتحدة، فإن أفعالهم تظهر أنهم أكثر قسوة: تمامًا كما أبقى المتحدث باسم تنظيم داعش طه فلاحه (أبو محمد العدناني) نفسه محاطًا بالأطفال لأسابيع قبل نهايته في عام 2016 -حيث استهدفته وكالة الاستخبارات المركزية فقط عندما غامر فلاحه بالخروج بمفرده- لذا كان يعلم المولى أن وجود زوجته وأطفاله سيمنع الولايات المتحدة من شنِّ غاراتٍ جوية. وبدلًا من القصف بالطائرات، خاطرت الولايات المتحدة بحياة الأمريكيين في محاولة لتجنب وقوع خسائر في صفوف المدنيين.
ثانيًا، أشار بايدن إلى أنه يجري الإعداد لهذه العملية “منذ أشهر عدة”. وقال مسؤولون تحدثوا إلى شبكة سي إن إن: “قبل أشهر علمت الولايات المتحدة أن زعيم داعش كان يعيش [في أطمة]”. وقال مسؤولون آخرون لشبكة “إن بي آر” إن التخطيط لهذه العملية المحددة بدأ “منذ أكثر من شهر”، وأعطى بايدن الموافقة النهائية في 1 فبراير.
يتضح من ذلك أن المولى كان تحت أعين الأمريكيين قبل 20 يناير، عندما بدأ داعش هجومه على سجن الصناعة في منطقة الغويران في مدينة الحسكة. ويبدو من المرجح للغاية أن يكون توقيت الغارة الرامية إلى قتله مرتبطًا بالهجوم على سجن الصناعة، وهو ما يقود لخيارين: (1) تعقبت الولايات المتحدة المولى قبل اقتحام السجن، وقررت الهجوم بعد اقتحام السجن لمنع التنظيم من نقل زعيمه إلى برِّ الأمان؛ أو (2) أن المولى “ظهر” بطريقةٍ ما لأعين المخابرات الأمريكية بعد اقتحام السجن، ربما لأنه حاول التحرك.
يشير بيان بايدن، والتسريبات الخاضعة للرقابة من مسؤوليه، بقوة إلى الخيار (1)، ولكن هذا يثير سؤالًا آخر: بما أن هجوم سجن الغويران الشهر الماضي كان نسخة طبق الأصل من هجومٍ أحبط في نوفمبر 2020، كيف لم تلاحظ الولايات المتحدة إعادة بناء مثل هذه الشبكة الكبيرة والخطيرة في واحدة من المدن الرئيسة التي تسيطر عليها اسميًا في سوريا، وفي الوقت نفسه توجد تغطية جيدة من هذا القبيل لمنطقةٍ أخرى في شمال سوريا لا تسيطر عليها بحيث تكون قادرة على تحديد مكان الخليفة المزعوم والقضاء عليه؟
وهناك عدد من الإجابات المتصورة لهذا، وسيكون من المفيد ببساطة معرفة أي واحد منها كان صحيحًا. اختار بايدن الإشادة علنيًا بالقوة الشريكة للولايات المتحدة، “قوات سوريا الديمقراطية“، لكن الواقع هو أن حادثة الغويران سلّطت الضوء على بعض القضايا العميقة مع قوات سوريا الديمقراطية، وهي مشكلة خطيرة نظرًا لأن الولايات المتحدة تعتمد عليها في وجودها في سوريا. ولعل مشكلة وجود ملاذ لقيادات التنظيم العليا في إدلب، وهي محافظة تسيطر عليها اسميًا هيئة تحرير الشام المشتقة من تنظيم القاعدة، التي قبلت تركيا مسؤوليتها نظريًا، هي مشكلة أكثر إلحاحًا وتعقيدًا. وباستثناء هذه العمليات الأمريكية الأحادية الجانب، عندما تتدخل الاستخبارات الأمريكية بنفسها، فمن الصعب التفكير في وجود “حل” لمشكلة تنظيم داعش في إدلب، أو مشكلة هيئة تحرير الشام.
من هو المولى؟
قبل أن يصبح الخليفة المزعوم، ويعرف باسم أبو إبراهيم، كان المولى يعرف باسم حجي عبد الله العفري، وربما باسم عبد الله قرداش، على الرغم من أن المسؤولين العراقيين اعترضوا على هذا الأخير.
في مقالٍ لي لموقع عين أوروبية على التطرف، في وقت وفاة البدري، هذا ما كان معروفًا من السيرة الذاتية للمولى:
أصدرت وزارة الخزانة الأمريكية إشعارًا ضمن برنامج المكافآت من أجل العدالة… [الذي] وصف المولى بأنه “عالم ديني” في داعش، منذ أن كان يطلق عليه تنظيم القاعدة في بلاد ما بين النهرين بين عامي 2004 و2006، وأنه “ترقى في الرتب لتولي دور قيادي رفيع المستوى”. وتابعت وزارة الخزانة أن المولى هو “أحد كبار المنظرين في داعش”، وفي هذا الدور “ساعد في قيادة وتبرير اختطاف وذبح والاتجار في الأقلية الدينية الإيزيدية في شمال غرب العراق، ويُعتقد أنه يشرف على بعض العمليات الإرهابية العالمية للتنظيم”…
ووفقًا لمصادر موقع قناة “العربية”، ولدّ المولى في عام 1976 في تلعفر (ومن هنا جاءت تسميته بـ”العفري”)، وهي بلدة تقع غرب الموصل، وكانت بؤرة ساخنة للتطرف قبل سقوط صدام حسين بفترة طويلة، وخرج منها بعض أهم عناصر داعش. وفي الواقع، يبدو أن المولى كان مقربًا من أهم شخصية معروفة في الحركة الجهادية السرية في العراق في التسعينيات، عبد الرحمن القدولي (أبو علي الأنباري)، نائب الخليفة حتى مارس 2016. ولد القدولي في الموصل لكنه أمضى معظم حياته في تلعفر…
تولِّي المولى منصب رئيس اللجنة المفوضة، الهيئة التنفيذية لداعش… [يجعله] في وضعٍ جيد لتولي القيادة.
وقد أكدت البحوث التي قام بها فراس كيلاني الكثيرَ مما سبق. تخرج المولى مع مرتبة الشرف في عام 2000 من برنامج الدراسات القرآنية في الجامعة، ثم أدى الخدمة العسكرية لمدة ثمانية عشر شهرًا. بعد ذلك، انضم إلى الجهاديين السريين قبل سقوط نظام صدام، وانضم على وجه التحديد إلى جماعة القدولي الجهادية. وبعد بضع سنوات، حصل المولى على درجة الماجستير في الدراسات الإسلامية، وترقى بسرعة في صفوف التنظيم. في عام 2007، وبينما كان يعرف باسم “الأستاذ أحمد”، أصبح المولى قاضيًا في الموصل، بحسب كيلاني، وبدأ في الوعظ في مسجد الفرقان في حي البعث في غرب الموصل، حيث خطب والده ذات مرة. وكان المولى قد اعتقل في 6 يناير 2008 وسجن في معسكر بوكا حيث أمضى سنة. وخرج بحلول عام 2009.
أصبحت عقوبة سجن المولى مصدرًا كبيرًا للنقاش والجدل؛ لأن الحكومة الأمريكية أصدرت ثلاثة تقارير استجواب “تكتيكية” تتعلق بالمولى في سبتمبر 2020، ثم أصدرت ثلاثة وخمسين تقريرًا في أبريل 2021، تتضمن استجواب المولى. ويعود تاريخ معظم هذه التقارير إلى يناير وفبراير 2008، وإن كان هناك تقريران من صيف ذلك العام؛ وهناك تنقيحات كبيرة، لا سيما آخر تقرير بتاريخ 2 يوليو 2008، الذي حجب تمامًا، وعشرة تقارير لم تر النور على الإطلاق. وكان العنوان الرئيس -الذي جرى حرفيًا نشره عالميًا– أن المولى بدا “واشيًا جيدًا ومتلهفًا لذلك في بعض الأحيان”. ويبدو أن أحد عناصر التنظيم المحددين الذي أوشى به المولى هو محمد مومو (أبو قسورة)، وهو مسؤول رفيع المستوى في التنظيم استهدفته الولايات المتحدة في أكتوبر 2008.
يبدو أن هذه كانت عملية دعائية سوداء من قبل الولايات المتحدة، وأن أي شيء كشفه المولى كان مقصودًا وتم بحرص، على غرار نموذج مناف الراوي، والي بغداد الذي اعتقل في عام 2010، وهو منشق متعاون على ما يبدو، ومع ذلك واصل العملية الإعلامية التي حمت القدولي، الذي كان الأمريكيون يحتجزونه دون أن يعرفون. فعلى سبيل المثال، يدعي المولى في مرحلة ما أنه صوفي، وعلى هذا الأساس يتبرأ فعليًا من عضويته في تنظيم داعش تمامًا، ومع ذلك يدّعي في لحظة أخرى أنه لم ينضم إلى تنظيم داعش إلا في فبراير 2007 وترقى ليصبح نائبًا لوالي الموصل في غضون شهرين. سيكون من اللافت للنظر لو أن المولى انضم إلى التنظيم حقًا عندما بدا أنه يخسر. ومع ذلك، عند وضع شهادة المولى المتناقضة في مقابل التقارير المستقلة التي تقول بأن المولى كان في الوسط الجهادي العراقي بحلول عام 2002، تظهر الأدلة التي يمكن ترجيحها. إن حديث المولى بهذا الإسهاب مع الأمريكيين أمر مثير للاهتمام بالتأكيد، ولكن ليس لمضمون ما يقوله المولى، بل إن ما يثير الاهتمام هو الطريقة التي يقوم بها المولى -في رأيي- بالتظاهر وإخفاء أفكاره أمام أعدائه، بل وسبر أغوارهم في الوقت الذي يبدو أنه يتعاون معهم.
بعد الإفراج عنه، عاد المولى، مثل كثيرين آخرين، مباشرة إلى معسكرات الجهاد. خلال الفترة التي امتلك فيها تنظيم داعش دويلة، كان المولى أشبه بـ”وزير العدل”، حسبما يقول كيلاني، وكان يعمل في تدريب رجال الدين في كلية الإمام الأعظم في الموصل، حيث عمل المولى بشكلٍ وثيق مع القدولي. ووفقًا لرواية كيلاني، كان المولى مع الفصيل الأشد تطرفًا (معظمهم من الأجانب) الذين دفعوا البدري لتنفيذ الإبادة الجماعية ضد الإيزيديين واستعباد الناجين في عام 2014. ومن المثير للاهتمام أن القدولي ومعظم كبار العراقيين في تنظيم داعش عارضوا ذلك على ما يبدو، ولو لأسباب احترازية مفادها أنه قد يشعل شرارة الانتقام الطائفي ضد عائلاتهم.
دعم المولى للإبادة الجماعية الإيزيدية، ومشاركته فيها كانت من بين الأشياء التي ذكرها بايدن مرة أخرى اليوم، وقد وضعتها الحكومة الأمريكية في إشعارات العقوبات وغيرها من الوثائق العامة. وربما أن هذا من بين المعلومات الصغيرة التي تكررت كثيرًا لدرجة أنها أصبحت مؤكدة، وإلا فإنه قد يكون على أساس أدلة أكثر صلابة، وربما المستمدة من الاستخبارات، وهو ما يجعل الولايات المتحدة خجولة جدًا حول توضيح كيف تعرف ما تعرفه.
يرى كيلاني أنه مع تحوّل المد ضد تنظيم داعش، مع مقتل صديق القدولي القديم، فاضل الحيالي (أبو معتز القريشي)، ثم القدولي نفسه في 2015-2016، كان المولى في الواقع آخر رجل متبق، وأبعده البدري عن المعركة لأن دراسة المولى الأكاديمية للإسلام جعلته مرشحًا مثاليًا من بين الناجين كخليفة. وبحلول نهاية عهد البدري، كان المولى قد تولى بالفعل أقسام كثيرة من إدارة شؤون التنظيم اليومية. ورغم أن عهد المولى نفسه كان غير براق، فإنه احتفظ بالسيطرة على أكثر من 10,000 جهادي. ومع ذلك فإن هذا النوع من تحليل البيانات لا يوضح في الواقع مدى استعادة التنظيم لنفوذه.
ماذا بعد؟
فيما يتعلق بتأثير العملية على داعش، فإن مقتل المولى سيتسبب بالتأكيد في بعض الاضطرابات على المدى القصير، ومن المحتمل أن يسقط المزيد من مسؤولي التنظيم: فقد قُتل المتحدث باسم التنظيم، أبو حسن المهاجر، بعد ساعات من سقوط البدري، بسبب الاختراق الأمني ذاته الذي أطاح بالخليفة. وبالمثل، قُتل أو أسر المتحدث وأمير وسائل الإعلام في عامي 2007 و2016 في وقتٍ واحد تقريبًا. ومع ذلك، سيكون التأثير الإجمالي ضئيلًا: عملية تعيين خليفة جديد ستمضي بشكل سلس وسريع، وسيتبع الزعيم الجديد برنامجًا سبق وشرحه التنظيم مرات عدة على مدى العقدين الماضيين.
هناك شروط تقليدية للخليفة، مثل أن ينحدر من قبيلة قريش، وبعض الأشياء التي يمكن للمرء أن يتصورها حول مؤهلات الخليفة المقبل: من المرجح أن يكون شخصية دينية و/أو قضائية أكثر من كونه شخصية عسكرية؛ ربما عضو “قديم”، وليس من المستغرب إذا كان لديه خلفية إدارية. ولكن كما أشار كريج وايتسايد، “لقد حقق [تنظيم داعش] ما تكافح العديد من المنظمات لتحقيقه، من خلال تطوير نواة من البشر الذين يفكرون بما فيه الكفاية على حد سواء بحيث أصبح صنع السياسات، وتنفيذ الاستراتيجية، أبسط بكثير بالمقارنة مع حكومة الولايات المتحدة ومؤسساتها التي تهتم بمحاربة بعضها البعض أكثر من عدو مشترك على سبيل المثال”. ولهذا السبب، من بين أسباب أخرى، التكهنات حول الشخص المحدد الذي سيحل مكان المولى، هي جهد لا طائل منه، بل وميؤوس منه أيضًا.
ومع ذلك، هذا الجهد ليس ميؤوسا منه فقط، بمعنى أن قائمة المرشحين المعروفين للخلافة عندما قتل البدري نفسه قد تقلصت بشكل كبير. كبداية، كان هناك شخصان على القائمة غير مؤهلين بالفعل: فقد تبين أن أبو عبيدة عبد الحكيم العراقي كان في الواقع وائل الطائي، المعروف باسم أبو محمد الفرقان، أمير الإعلام الذي قتل قبل فلاحه بقليل في عام 2016، وعبد الناصر القرطاش، واسمه الحقيقي قد يكون طه الغساني، كان بالفعل في الحجز، الأمر الذي لم نعرفه سوى بعد ثمانية أشهر أو نحو ذلك. وفي مايو 2020، قتل معتز نعمان الجبوري (حجي تيسير)، وفي أكتوبر 2021، ألقي القبض على سامي جاسم الجبوري (حجي حامد). (هناك إضافة واحدة على الأقل إلى القائمة: بشار خطاب الصميدعي، المعروف أيضًا باسم حجي زيد، رئيس القضاء في التنظيم).
لكن سيكون جهدًا بلا طائل لأن التنظيم قد سبق واختار شخصية مجهولة تمامًا كزعيم ثلاث مرات حتى الآن: في أعوام 2006 و2010 و2019. بعد مقتل مؤسس التنظيم، أحمد الخلايلة (أبو مصعب الزرقاوي)، في عام 2006، تمكن التنظيم من إبقاء الولايات المتحدة في حالة تخمين لفترة ما إذا كان خليفته أبو عمر البغدادي شخصية حقيقية حتى (كان شرطيًا سابقًا يُدعى حامد الزاوي). لم يلق البدري خطابًا لمدة عامين لأسبابٍ أمنية، ولم يلق المولى أي خطابات.
لا شيء من هذا يهم. وكما لخص باحثان بإيجاز ما حدث بعد المرة الماضية، “يسهل تنظيم داعش عملية نقل الشرعية من الزعيم القديم إلى الجديد، ويحمي هوية الزعيم لأطول فترة ممكنة، ويبدأ في ترقية القادة المتوفين بعد وفاتهم إلى مستوى فولكلور الحركة”.
جهود إعادة بناء التنظيم التي جرت بوضوح في مركز (العراق وسوريا) تحت قيادة المولى، وكذلك في الفروع “الأجنبية”، لاسيما أفريقيا وأفغانستان، بالإضافة إلى الهجمات “الضخمة” مثل تلك التي وقعت في مطار كابول وسجن الصناعة، سوف تستخدم قريبًا في الروايات، التي على الرغم من أنها تحتوي على بعض الحقائق، ستضفي على حياة المولى شيئًا من الأسطورية كرجل ثبت على العهد، وتشبث بإيمانه في زمن الظلام، وحقق انتصارات عظيمة. اعتمادًا على من -وليس عدد- من أطلق داعش سراحهم من سجن الصناعة في عملية “كسر الجدران” هذه، التي كانت واحدة من آخر العمليات التي أمر بها المولى والتأثير الذي تحققه، فإن هذه الأساطير ستبدو أكثر أو أقل مصداقية، وبالتالي ستكون أكثر أو أقل قوة في، أولًا وقبل كل شيء، ضمان أن يحتفظ مكتب الخليفة بالشرعية والعظمة، ويمكن، ثانيًا، أن تلهم وتحشد الجهاديين.
هناك مشكلة متكررة في الصراع مع تنظيم داعش على مدى السنوات العشرين الماضية، تتمثل في أن الغرب يحكم على الصراع من خلال مقاييس –مساحة الأراضي التي يسيطر عليها التنظيم، على سبيل المثال، أو عدد الخسائر في صفوف القيادة– التي غالبًا ما تكون مضللة حول القرارات الاستراتيجية التي يتخذها تنظيم داعش والحجم الحقيقي لأمواله ونفوذه الاجتماعي والسياسي.
لكن بالنظر إلى العملية في حد ذاتها، هناك أشياء كثيرة للاحتفال بتصفية المولى، فالانتقام قد حدث من شخص أودى بحياة عدد لا يحصى من الأبرياء ومسؤول عن أشياء أفظع بكثير من القتل. ومع ذلك، فهناك حاجة إلى مزيدٍ من الحذر بشأن ما يعنيه ذلك، لأننا كنا في هذا الوضع من قبل.
*محلل متخصص في الشؤون السورية والإرهاب.