يبدو تأثير انتشار كوفيد-19 في جميع أنحاء العالم محدودًا على أنشطة الجماعات الإسلامية والجهادية المسلحة، وإن كانت قد بدأت في نشر مواد تعليمية على “جنودها” بشأن كيفية منع العدوى.
تنظيم داعش: استغلال الأزمة
خصَّص تنظيمُ داعش العددين الأخيرين من مجلته الأسبوعية “النبأ” لمعالجة هذه المسألة. تضمن العدد رقم 225 من “النبأ”، الصادر في 12 مارس، إنفوجرافيك بعنوان “توجيهات الشريعة في التعامل مع الأوبئة”، تضمن أحاديث مختلفة عن النبي محمد، وتعليمات بشأن كيفية منع انتشار العدوى بين أفراد ميليشياته.
أما العددُ التالي، الذي صدر في 19 مارس، فجاءت مقالتُهُ الافتتاحية بعنوان “أسوأ كابوس للصليبيين”، تصور جنديين إيطاليين يرتديان قناعين.
وقد شجَّعَت الافتتاحية أتباعها على الاستفادةِ من نقاط الضعف التي تواجهها العديد من الدول حاليًا، وتنفيذ المزيد من الهجمات على الغرب. وذكرت: “آخر ما يريدونه (الصليبيون) هو أن تتزامن محنتهم الحالية في ظلِّ هذا الوباء مع هجمات في دولهم مثل الهجمات التي وقعت في باريس ولندن وبروكسل”. ووصفتِ الافتتاحيةُ ذاتها فيروسَ كورونا بأنه عذابٌ أرسله الله إلى أعدائه. في الوقت نفسه، تناقش القنوات الموالية لـ “داعش”، على نطاقٍ واسع، على تطبيق تلجرام تفشي وباء كورونا. ونشرت قناة “جرين بيردز” البارزة الموالية لـ “داعش” صورة للفيروس مع تعليق مكتوب عليه “جندي الله”.
تنظيم القاعدة: التزام الهدوء
حتى 21 مارس، لم يصدر تنظيم القاعدة، ولا أيٌّ من المنتسبين إليه، أيَّ بياناتٍ رسمية عن فيروس كورونا. ومع ذلك، نشرت وكالة أنباء متحالفة مع التنظيم -وكالة ثبات الإعلامية- مقالًا كتبه خالد السباعي بعنوان “كورونا: إبادة للظالمين وشهادة للمؤمنين”. تصف المقالة المسلمين الذين توفوا نتيجة للفيروس بأنهم شهداء، وتدعو الجماعات التابعة للقاعدة إلى استغلال الوضع الحالي من خلال شنِّ المزيد من الهجمات ضد أعدائهم.
القوميون الإسلاميون: عقاب من الله
نشرتِ القناةُ الإعلامية للحزب الإسلامي التركستاني، (Islam Awazi)، مقطع فيديو بعنوان منظور المجاهدين فيما يتعلق بتفشي كورونا في الصين. في الفيديو، وصف متحدثٌ باسمِ الحزب تفشيَ الفيروس بأنه عقابٌ آخر أرسله الله “للطغاة” الذين يضطهدون المؤمنين، في إشارةٍ إلى قمع الحكومة الصينية للأويجور المسلمين في شينجيانغ. كما أشار الفيديو إلى أن الفيروس نشأ في سوق (ووهان) حيث يتم بيع حيوانات يمنع القرآن أكلها.
في الوقتِ نفسه، أعربت حركتا “حماس” و”الجهاد الإسلامي”، في غزة، عن قلقهما إزاء الظروف الصحية لسجنائهما داخل السجون الإسرائيلية، وحثتا إسرائيل على رعايتهم. كما نشرت حماس فيديو يشرح كيف تعتزم بناء مركز عزل لإدارةِ تفشٍ محتمل لفيروس كورونا في قطاع غزة.
طالبان: الانتهازية
أصدرت حركة طالبان أو “إمارة أفغانستان الإسلامية”، كما تسمِّي نفسها، ثلاثَ بياناتٍ رسمية بشأن تفشي كوفيد-19. وعلى غرارِ الحركات الإسلامية، التي تتخذ من غزة مقرًّا لها، حثَّت حركةُ طالبان الحكومةَ الأفغانية على حمايةِ أسرى طالبان داخل سجونها. والأهم من ذلك أنها دَعَت “المنظمات الصحية والإنسانية إلى تنفيذِ التزامها بإرسالِ المعدات والأدوية والمساعدات اللازمة إلى المناطق الخاضعة لسيطرتنا”، ووَعَدت بتوفير الأمن لعمال الإغاثة هؤلاء.
علاوة على ذلك، أصدرت حركة طالبان بيانًا أعربت فيه عن خالص تعازيها للمرشد الأعلى والشعب الإيراني، وعن قلقها العميق إزاء ما زُعم عن إساءة معاملة اللاجئين الأفغان المقيمين في إيران.
الجهاديون الشيعة الذين تسيطر عليهم إيران: مؤامرة أمريكية
تزعمُ الجماعاتُ المسلحة الشيعية، التي يسيطر عليها الحرس الثوري الإيراني في العراق، وسوريا، والبحرين، أن فيروس كورونا هو مؤامرة دبَّرتها الولايات المتحدة. من جانبها، شاركت الميليشيات الشيعية الأفغانية والباكستانية التي يسيطر عليها الحرس الثوري في سوريا -لواء فاطميون ولواء زينبيون- توجيهاتها بشأن كيفية منع العدوى، رغم أن سوريا تزعم أنها لم تسجِّل أي حالات إيجابية حتى 21 مارس.
وفي العراق، تقوم ميليشيا “سرايا السلام” التي يرأسها رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر بتعقيمِ المباني المحلية في محافظتي ديالى وبغداد. وفي الوقتِ نفسه، نشرت “حركة النجباء” التي يديرها الحرس الثوري، و”عصائب أهل الحق”، و”منظمة بدر”، صورة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وهو يلعب الجولف بالفيروس كورونا محاولًا ضرب “محور المقاومة” التابع للحرس الثوري الإيراني، إضافة إلى الصين.
الخلاصة
قد يستخدمُ تنظيمَا داعشٍ والقاعدة، أزمةَ تفشي وباء كوفيد-19 لتأجيجِ الخوف في الدول الغربية، ومن المرجَّح أن تستغل الجماعات الإسلامية والجهادية الأكثر محلية؛ مثل طالبان وحماس، على سبيلِ المثال، بالإضافة إلى الميليشيات الشيعية الإيرانية، انعدام الأمن لتعزيزِ قبضتها على السكان المحليين، مستغلةً الفراغ السياسي والأمني لتقدِّم نفسها كأطرافٍ فاعلة ذات مصداقية.
* يسعى موقعُ «عين أوروبية على التطرف» إلى نشرِ وجهاتِ نظرٍ مختلفة، لكنه لا يؤيد بالضرورة الآراء التي يُعبِّر عنها الكتّابُ المساهمون، والآراء الواردة في المقالات والدراسات تُعبِّر عن وجهةِ نظر أصحابها.
**يعمل فاليريو محللًا لدى مجلة Il Caffè Geopolitico الإلكترونية.ويركز في تحليلاته على قضايا التطرف الجهادي.