حاور موقع “عين أوروبية على التطرف” الدكتور عبد الله فيصل آل ربح؛ أستاذ علم الاجتماع الديني والنظرية الاجتماعية في جامعة جراند فالي الحكومية بولاية ميشجين، حول موضوع التطرف لدى الجماعات الإسلامية الشيعية في المملكة العربية السعودية، وعلاقاتها بالجهات الفاعلة خارج المملكة؛ مثل النظام الديني في إيران.
عين أوروبية على التطرف: كيف تفسر الوجود الشيعي في المملكة العربية السعودية لشخصٍ ليس على دراية به؟
الدكتور آل ربح: أولًا وقبل كل شيء، اسمحوا لي أن أوضّح مصطلح الشيعة. توجد ثلاثة مذاهب للمسلمين الشيعة، تمامًا مثلما أن هناك أربعة مذاهب للمسلمين السنة. المذاهب الشيعية الثلاثة هي: الزيدية، والإسماعيلية، والجعفرية. عندما يمر مصطلح “الشيعة” دون مزيد من التفاصيل، عادة ما يشير إلى الجعفرية، التي يُطلق عليها أيضًا الاثني عشرية أو الإمامية.
في المملكة العربية السعودية، هناك بعض الجماعات من الشيعة الزيديين والإسماعيليين الذين يعيشون في نجران. ويعيش معظم أتباع المذهب الاثني عشري في المنطقة الشرقية، ومعظمهم في القطيف والأحساء. بالإضافة إلى ذلك، هناك مجموعة من الشيعة الاثني عشرية يعيشون في غرب المملكة العربية السعودية، خاصة المدينة المنورة. ووفقًا لبعض المصادر، يُشكّل المسلمون الشيعة ما بين 10% و15% من مجموع مواطني المملكة.
عين أوروبية على التطرف: ما هو مستوى الدعم الشعبي الذي يتمتع به التطرف الشيعي في المنطقة؟
الدكتور آل ربح: من الصعب تحديد مستوى شعبية المتطرفين -سواء بالنسبة للسنة أو الشيعة- لأن الحكومة السعودية بشكل عام تأخذ هذه الأمور على محمل الجد [وتتعامل معها بما يستوجب]. ومع ذلك، فهناك بعض الشيعة في المملكة العربية السعودية الذين يتبنون مواقف متطرفة، تمامًا مثل أقرانهم السنة.
عين أوروبية على التطرف: هل يُشكِّل الشيعة جماعات إسلاموية؟ وما هي أنشطتهم؟
الدكتور آل ربح: في بداية الثمانينيات، ومع صعود الثورة الإسلامية الإيرانية، انخرط مجموعة من الشباب السعودي الشيعي في حركة إسلامية مسيّسة كانت تسمى “منظمة الثورة الإسلامية في شبه الجزيرة العربية”. اتبعت تلك الحركة مرجعية آية الله السيد محمد الحسيني الشيرازي (توفي عام 2001). وكان معظم أعضاء الجماعة من المعارضين خارج المملكة إلى أن عادوا في عام 1993 بموجب عفو رسمي أصدره الملك فهد (توفي عام 2005) الذي أصدر عفوًا عن جميع الذين لم يتورطوا بشكلٍ مباشر في أنشطة عنيفة.
من الحركات الإسلامية الشيعية المسيّسة الأخرى حركة أتباع خط الإمام، مستوحاة من أيديولوجية [مؤسس جمهورية إيران الإسلامية] آية الله روح الله الخميني (توفي عام 1989).
عين أوروبية على التطرف: من هم أنصار خط الإمام، ولماذا يسمون حزب الله السعودي؟
الدكتور آل ربح: كان مصطلح “أنصار خط الإمام” يشير في الأصل إلى الطلاب الإيرانيين الذين هاجموا السفارة الأمريكية في طهران في نوفمبر 1979. وتوسع هذا المصطلح كعنوان يشمل جميع النشطاء الشيعة الذين يؤمنون بتعاليم الخميني وأفكاره.
كان مصطلح “حزب الله” يشير في الأصل إلى فصيل من النخبة الإيرانية بعد سيطرة ثورة الخميني على السلطة، وقد تم تبني المسمى نفسه من قبل الحزب اللبناني الذي أُعلن عنه رسميًا في عام 1985.
في المملكة العربية السعودية، هناك العديد من الجماعات التي تعتبر “أنصار خط الإمام”، لأنها تعتنق أفكار الخميني على المستويات الدينية والثقافية، وداخل ذلك التيار كان هناك تنظيم سري متشدد، كان ناشطًا في أواخر الثمانينيات وأوائل التسعينيات، يطلق عليه اسم “حزب الله الحجاز” أو “حزب الله السعودي”.
عين أوروبية على التطرف: ما هي روابطهم وشبكاتهم الدولية؟
الدكتور آل ربح: من الاسم [حزب الله]، يمكن للمرء أن يرى الارتباط مع إيران وجماعاتها المسلحة التي تتبنى أيديولوجية الخميني مثل حزب الله اللبناني والميليشيات العراقية [كتائب حزب الله]. للأسف، لا توجد تفاصيل كافية حول حزب الله السعودي نفسه، أو من هم أعضاؤه، أو الجهات التي يعملون معها بشكل يومي. كل ما يمكن قوله هو الاشتباه القوي في وجود ارتباط بين المنظمة، والحرس الثوري الإيراني. وهذه الفرضية معقولة، لأن الحرس الثوري الإيراني هو المؤسسة الإيرانية التي تعمل مع جميع الميليشيات المرتبطة بإيران في جميع أنحاء العالم.
عين أوروبية على التطرف: هل شارك المتطرفون الشيعة أو يشاركون في مبادرات المناصحة السعودية، على سبيل المثال تلك التي نُفذت في السجن ومركز بن نايف للمناصحة؟
الدكتور آل ربح: نعم، مركز المناصحة يشمل جميع السجناء الذين ينخرطون في أنشطةٍ متطرفة في المملكة. السجناء الشيعة هم جزء من المستفيدين من البرنامج. يُشكّل الجزء الحديث من هذا البرنامج -الذي يوجد في المنطقة الشرقية، حيث يوجد معظم السجناء الشيعة- النمط الجديد للمناصحة وذلك من خلال الحصول على المساعدة من علماء النفس والمهنيين والأخصائيين الاجتماعيين، بدلًا من رجال الدين.
عين أوروبية على التطرف: ما هي توقعاتك لتطور التطرف الشيعي في المنطقة؟
الدكتور آل ربح: بعد غزو العراق في عام 2003، أصبحت الأنشطة المسلحة التي ارتكبت [داخل المملكة العربية السعودية] من قبل جماعات مختلفة، بما في ذلك إسلاميين متطرفون -من السنة والشيعة على حد سواء- حقيقة لا يمكن لأحد أن ينكرها. غير أن المراقبين كانوا أكثر قلقًا من التطرف الشيعي لأنه يعتبر جديدًا في المنطقة، مقارنة بالتطرف السني الذي له تاريخ أعمق بسبب القضايا التي تعود إلى الحرب الأفغانية [مع السوفييت في فترة الثمانينيات].
رأيي في مستقبل التطرف الشيعي بشكل عام هو أنه سيستمر بسبب وجود إصرار على استحضار حوادث تاريخية إلى يومنا هذا. وإضافة إلى إيران، الجهات الفاعلة الرئيسة في هذا التطرف هي بعض اللاجئين العرب في المملكة المتحدة بقيادة ياسر الحبيب، الذي يستمر في سب الرموز التي تحظى بالتبجيل عند المسلمين السنة.
يمتد جدل هذا التيار حتى مع الشخصيات الشيعية التي لا تتفق مع عقيدتهم [ياسر الحبيب ومريديه] مما يعزز في زيادة احتدام هذه القضية. هذا النوع من التطرف الشيعي في لندن ما زال في حدود الشكل الشفهي، حيث لا يوجد عمل مسلح تحت مظلة هذا الخطاب. ومع ذلك ، فإن خطورة مثل هذا الخطاب المتطرف تنعكس، لا تزال، استفزازها لبعض السنة، وتعبئتهم بعض الشيعة.
علاوة على ما سبق، تزداد الجماعات الشيعية المتطرفة شعبية في العراق وسوريا ودول مجلس التعاون الخليجي؛ لأنها تتصرف حاملة صفة المنتقم. ومع ذلك، فإنه مازال من الصعب استحداث عنف يستند إلى فتاوى شرعية في امتداد الفضاء الشيعي، باستثناء العراق حيث أن الميليشيات الشيعية يمكن أن تبرر أنشطتها من خلال ادّعاء محاربة داعش وغيرها من الجماعات السنية المتطرفة.