المؤلف: دين سي. أليكسندر.
السعر: 14.99 دولار أمريكي.
عدد الصفحات: 264 صفحة.
دار النشر: (Book Baby).
سنة النشر: 2019.
تضم الأسر أفرادًا ينحدرون من الأجداد أنفسهم أو الأفراد الذين تربطهم صلة قرابة تنتج عن الزواج والتبني.
الأسرة رابطة اجتماعية واحدة يمكن أن تشجع الإرهاب. والأخير بدوره يمكن أن ينشأ نتيجة دوافع عدة مثل الدين، وحركات التحرر الوطني، والأيديولوجيات التي تدفعها الكراهية، بل وحتى الأسرة.
في خضم النقاش الدائر بشأن التدابير التي ينبغي على الدول الأوروبية اتخاذها للتعامل مع ما يسمى بالجهاديين العائدين وأسرهم، تصبح معالجة قضية شبكات الإرهاب الأسري أكثر أهمية.
يقدم دين سي. أليكسندر، مدير برنامج أبحاث الأمن الوطني والبروفيسور في كلية إنفاذ القانون وإدارة العدالة في جامعة إلينوي الغربية، إطاراً نظرياً شاملاً للإرهاب المرتبط بالأسرة ويقدم عشرات من حالات الدراسة التي تسهم في توفير قاعدة بيانات واسعة ومفيدة للبحث في الوقت المناسب.
يبين كتاب شبكات الإرهاب الأسري، الكتاب الأحدث الذي ينشر في موضوع الإرهاب والقرابة (مارس 2019)، بشكل جلي أن الإرهاب المرتبط بالقرابة، الذي يتسم بالتكرارية والدموية، يستحق إطار عمل منفصل لتقييمه.
يتناول الفصل الأول: المبادئ العامة للإرهاب ويقدم نظرة شاملة لعدد من الاطروحات النظرية والاصطلاحية بشأن الإرهاب، والتطرف، واحتمالات التعرض للتطرف، وانخراط النساء في الإرهاب، وتمويل الإرهاب، وغيرها من محاور دراسات الإرهاب.
يناقش الفصل الثاني: سمات شبكات الإرهاب الأسري، حيث يقدم أليكسندر دراسات حالة تشمل شبكات الإرهاب الأسري عبر أيديولوجيات متنوعة.
يحتوي الفصل الرابع: جوهر الكتاب، حيث يقترح نموذجاً للتنبؤ بتطور شبكات الإرهاب الأسري واستخدامه في مكافحة هذا النوع من العنف السياسي.
ويصف الفصل الختامي: تعامل وكالات إنفاذ القانون مع قضية التطرف المرتبط بشبكات الإرهاب الأسري، بما في ذلك تفاعلات الشرطة مع الإرهابيين، والتحقيقات والمراقبة، وتفاعلاتها مع المجتمعات، والمؤشرات التي لا يتم رصدها في اكتشاف الإرهابيين، والتعاون الدولي.
ويقدم الملحق الأخير: سجلاً للحالات التي تم تغطيتها في هذا الكتاب.
إجمالاً، يقدم الكتاب بحثاً جاداً يعرض أفكاراً متعددة بشأن ظاهرة معقدة ومتنامية بشكل مقلق.
في هذا السياق، يؤكد أليكسندر أن شبكات الإرهاب الأسري هامة لأن الأسر جزء لا يتجزأ من الشبكات الاجتماعية التقليدية وهذا النموذج الفكري يسمح بحدوث التطرف والتجنيد في سياق من الثقة والخصوصية.
وهذا يشجع استغلال الثقة والسمات الأمنية التي تشكل عناصر حساسة للاستمرار الأيديولوجي والمادي للجماعات المتطرفة. وفي العادة لا يتم اكتشاف الميول المتطرفة لأفراد الأسرة إلا عقب حدوث هجوم.
علاوة على ذلك، يوفر الكيان الأسري درجات من المرونة، والهيكل، وتراتبية الأدوار، حيث يقوم بعض أفراد الأسرة بأدوار قيادية، فيما يتولى آخرون أدوراً تنفيذية. ويمكن أن يحل محل القادة أعضاء آخرون من الأسرة، حيث يتولون الدور الجديد ويرون فيه مصدراً للفخر. ونظراً لقوة الضغط الذي يمارسه الأقران فإن هذا قد يجعل السيطرة المتبادلة أكثر مرونة وانتشاراً.
ويرى المؤلف أن الشبكات الأسرية توفر قابلية للأيديولوجية الإرهابية والتجنيد والتدريب والفرص العملياتية أكثر من الهياكل غير الأسرية نظراً لهيكلها غير الرسمي وغير المركزي.
إضافة إلى ذلك، من المحتمل أن يكون التخلي عن الخطط الإرهابية في الأسرة أقل من نظيره في الهياكل الأخرى نظراً لأنه يجلب الخزي والعار للمجموعة بأسرها.
وهناك سمات مشتركة كثيرة بين الشبكات الأسرية النموذجية وما يُطلق عليه أسلوب التجنيد التقليدي أو القديم. تشمل فكرة أسلوب التجنيد القديم حزمة كاملة من استراتيجيات التجنيد، وأنماط تحويل الأفراد للتطرف، وأشكال التنشئة الاجتماعية مع العناصر المساعدة على التطرف التي تستبعد، إلى حد كبير أو بشكل كامل، الانتماءات عبر الإنترنت، والدعاية الافتراضية، والميل العام لاستخدام التواصل عبر شبكات الكمبيوتر. ذلك أن أسلوب التجنيد التقليدي يعتمد بشكل رئيسي على التفاعل وجهاً لوجه، الذي يحدث داخل مجموعات أقران محددة، وعادة ما يعتمد على وجود علاقات قائمة من قبل وخلفية اجتماعية مشتركة (1).
وهنا، يشير أليكسندر إلى أن صلات القرابة بشكل عام- وبشكل خاص الأبوية – تلعب دوراً رئيساً في حياة العديد من الإرهابيين الأكثر شهرة.
الآباء لهم تأثير قوي على مستوى التحول للتطرف بين أفراد الأسرة. ولعل من بين أبرز الأمثلة على ذلك هو أسامة بن لادن. ذلك أنه من بين 23 طفلا، واصل العديد منهم بشكل لافت الانخراط الأسري في الإرهاب.
في يناير 2016، دعا حمزة بن لادن- الذي وضعته وزارة الخارجية الأمريكية بعد عام على لائحة الإرهابيين الدوليين المحددين بشكل خاص – إلى الانتقام من مقتل والده: “إذا اعتقدتم أن جريمتكم التي ارتكبتموها في أبوت أباد قد مرت دون عقاب، فأنتم واهمون”.
علاوة على ذلك، وردت تقارير في عام 2018 تفيد بأن حمزة قد تزوج من ابنة محمد عطا، أحد المنفذين الرئيسيين لهجمات 11سبتمبر، مُعمقاً بذلك صلته بالجماعات الإرهابية.
ينقسم النموذج التنبؤي الذي طوره المؤلف إلى 6 مراحل وتم إعداده بعد تقييم 118 أسرة ذات صلة بالإرهاب.
تشمل حالات الدراسة هذه خلايا إرهابية ذات توجهات أيديولوجية متباينة (على سبيل المثال حركات جهادية، حركات المواطنين السياديين، ميليشيات، جماعات قائمة على الكراهية).
المراحل الستة هي:
- فرد في أسرة (أولى) ما يتعرض لأيديولوجية متطرفة ويدعم حركة ترتبط بها.
- الفرد الذي تعرض للتطرف (أولى) يتواصل مع فرد أو أفراد عدة في أسرة أخرى (ثانية) بشأن إمكانية اتباع أيديولوجية متطرفة.
- فرد أو أفراد عدة في أسرة (ثانية)يقبلون، أو يقبلون بتحفظ، أو يرفضون أفكاراً إرهابية.
- هناك بدائل عدة محتملة. أن يقبل الفرد الذي تعرض للتطرف (أولى) القيام بدور فعال في الحركة/ أن يقوم هذا الفرد (أولى) أو هو والفرد في (الأسرة الثانية) بتنفيذ هجوم إرهابي/ أن يتخلى الاثنان عن التطرف/ هذه بضع احتمالات فقط.
- بافتراض أن الشخص (في الأسرة الثانية) قد تخلى عن التطرف، ربما يحاول هذا الشخص التأثير بشكل مباشر على الشخص (من الأسرة الأولى) للتخلي عن التطرف أيضاً.
- الشخص الذي تعرض للتطرف قد يقرر ما يلي: التخلي/ التوقف عن التواصل مع الشخص (في الأسرة الثانية) / الإقدام على تصرفات أخرى. من ناحية أخرى، قد يقرر الشخص (من الأسرة الثانية) اتباع المسار ذاته المذكور في هذه المرحلة.
يقدم هذا النموذج تفسيرات عامة تشمل أكثر السلوكيات تكراراً. ومع ذلك، في ظل حقيقة أن الدراسات المتعلقة بالإرهاب أبعد ما تكون عن كونها علم دقيق، ينبغي التعامل مع ذلك باعتباره مجرد أداة أولية لتحليل المجموعات الأسرية وليس مصدراً لتفسير كافة أنماط التطرف التي قد نواجها.
إضافة إلى ذلك، لا يمكن لهذا النموذج استيعاب الدرجات المختلفة للانخراط والالتزام بقضية أفراد الأسرة.
وفي معظم الحالات يكون هناك عضو أكثر التزاماً ويمارس ضغطاً على الأفراد الآخرين.
كما أن هناك احتمالات أن يتحول شخص واحد أو بضعة أفراد في المجموعة للتطرف فعلاً، حيث يتم غسل مخ الأتباع بطرف مختلفة ويكونون على جهل تام بما سيقدمون عليه.
تُعد أسرة سيرجيو الإيطالية مثالاً لذلك (2).
عقب تقديم نموذجه، يقتبس أليكسندر عدداً من الأعمال التي قدمها مركز هداية ويعرض بعض التوصيات اللافتة للاهتمام التي تهدف إلى معالجة قضية الإرهاب الأسري، مثل دعم النساء وتمكينهن- لاسيما الأمهات- بغية الحيلولة دون وقوع أفراد الأسرة في التطرف. كما يقترح إشراك الآباء والرجال الذين يحظون بالاحترام والتقدير بالتواصل مع المجتمعات المعرضة لهذا الخطر ومن ثم تشكيل الخطاب الثقافي القائم، وتصميم مبادرات “منع ومواجهة التطرف العنيف” موجهة إلى الأسرة.
وكما سبق الإشارة إليه، يقدم الكتاب قاعدة بيانات واسعة جداً، تتراوح ما بين القصص الشهيرة، مثل حالة دانيلا جريني (3) وسيد رضوان فاروق وزوجته تاشفين مالك (4)، إلى الحالات الأقل إثارة للجدل، مثل الرحلة الإرهابية لأماندا وودروف وجيراد ميلر (5).
تظهر نتائج التحليل أن 57% من بين عدد 138 شبكة أسرية تنطوي على أعداد متساوية تقريبا، يمثل الأزواج/الزوجات (31%)، والإخوة (26%). وهذا يشير إلى أن الإرهاب المرتبط بالانتماء الأسري يحدث في الغالب في مثل روابط القرابة هذه.
فيما يتعلق بالميول الأيديولوجية، يمثل التوجه الجهادي 84.75%، والمواطنين السياديين 4.24%، وتفوق العرق الأبيض 1.69%، والهوية المسيحية، ومناهضة الإجهاض، ومناهضة المثلية الجنسية 0.85%.
ومن الواضح أن هذا يُعزا بشكل رئيسي إلى الأعداد المختلفة من الهجمات التي تُنسب إلى كل أيديولوجية. ومع ذلك، من المحتمل أيضاً أن يشير إلى أن القرابة ربما تلعب دوراً متغيراً باختلاف وجهات النظر الراديكالية، الأمر الذي يتطلب بلا شك مزيداً من البحث.
وهكذا، يقدم أحدث الكتب التي ألفها أليكسندر أداة مفيدة للخبراء والمهتمين بقضايا الإرهاب، والجمهور بشكل عام.
ولا شك أن القدرة على جذب عدد من أفراد الأسرة للإرهاب ستساعد الجماعات الإرهابية على مواصلة استغلال هذه المجموعة الفرعية من العضوية الجماعية، الأمر الذي يجعل هذا العمل جديراً بالدراسة على نحو خاص.
——————–
[1] See M. Serafini, Maria Giulia che divenne Fatima, Corriere della Sera, ebook (in Italian), and M. D’Alessandro, Italian Muslim convert found guilty of helping Islamic State, Reuters, December 19, 2016.
[2] S. Brzuszkiewicz, Radicalisation in Europe after the fall of Islamic State: Trends and risks, European View 17(2), Wilfried Martens Centre for European Studies, 2018.
(3) عملت دانيلا جريني كمتخصصة لغوية في مكتب التحقيقات الفيدرالي سابقا، وسافرت إلى تركيا مع شريكها دينيس كوسبرت، مغني الراب الألماني السابق ديسو دوج، الذي أصبح فيما بعد يعرف باسم أبو طلحة الألماني. في آواخر يونيو عام 2014، تزوج الاثنان في سوريا ولكن في أغسطس من العام نفسه غادرت جريني إلى الولايات المتحدة بعد اعترافها بارتكاب خطأ. خلال وقت زواجها هذا، كانت متزوجة أيضاً من جندي أمريكي. حُكم عليها بالسجن لمدة عامين بعد تعاونها مع السلطات. وكشفت ألمانيا في يناير 2018 عن مقتل كوسبرت في سوريا.
(4) في عام 2015، قتل سيد رضوان فاروق وزوجته تاشفين مالك 14 شخصًا وأصابوا آخرين في هجوم مستوحى من داعش في مدينة سان برناردينو، في ولاية كاليفورنيا.
(5) قبل أن يلتقيا، كان ميلر مسجونا بتهم تتعلق بجرائم مخدرات. وبعد أن أصبحا زوجين، بحثا في مجموعة من الأيديولوجيات المتطرفة، بدءا من تفوق العرق الأبيض إلى موضوعات الميليشيات.
في يونيو 2014، أطلق الزوجان النار على ضابطي شرطة في لاس فيجاس. وبعد ذلك، قاموا بتغطية إحدى الجثث بعلم أصفر يعرف باسم جادسدن gadsden flag (“لا تدوسني”) وصليب معقوف. كما وضعوا ورقة على الضحية الأخرى مكتوب عليها: “هذه مجرد بداية الثورة”.
قتل جيراد في تبادل لإطلاق النار مع الشرطة. أما أماندا فأطلقت النار على نفسها وتوفيت فيما بعد في المستشفى.