إيرينا تسوكرمان**
مع تنامي أحداث الشغب، وتزايد عمليات إشعال النار في سيارات الشرطة والمؤسسات المملوكة للقطاع الخاص في جميع أنحاء الولايات المتحدة، والتي طالت ما لا يقل عن 87 مدينة وبلدة، يبدو أن الولايات المتحدة تمر بما يشبه “الربيع الأمريكي”.
السبب المعلن لاندلاع أعمال الشغب هذه هو المطالبة بالعدالة عقب مقتل رجل أسود يُدعى جورج فلويد، بعدما وضع ضابط أبيض ساقه على رقبة فلويد لأكثر من ثماني دقائق في مينيابوليس. واستمر مستوى العنف في الازدياد بعدها، وجرى تحطيم النوافذ في أماكن مختلفة في المدن الكبرى، وأُحرقت سيارات الشرطة، وأُلقيت زجاجات حارقة على ضباط الشرطة في مواقع عدّة، ودُمرت ممتلكات تاريخية، وتُوفي أحد الضباط جراء إصابته بطلقٍ ناري في أوكلاند. ومن المفارقات أنه رجل أسود أيضًا.
بالنسبة لأي شخصٍ شارك عن كثب في المشهد السياسي الداخلي في الولايات المتحدة، لا يوجد شيء جديد في سلسلة الأحداث هذه. ورغم الادعاء بأن هذه الحوادث هي نوبات عفوية من الغضب الجماعي من جراء الظلم الذي يواجهه السود على أيدي ضباط الشرطة البيض، فإنه من الواضح بشكلٍ متزايد أن أعمال الشغب هذه ، على أساس مستوى التنظيم، قد تم تدبيرها مسبقًا، وكانت تنتظر الشرارة فقط. وكما هو الحال في العديد من الحوادث السابقة المماثلة، لا توجد قائمة واضحة بالمطالب أو الطلبات. لا يوجد شيء يمكن للمجتمع أن يستجيب له. ومن ثم، فإن التحريض السياسي، وليس العمل المدني والإنساني، يكمن في قلب انتشار العنف.
هل أعمال الشغب هي رد على العنصرية الممنهجة؟
علاوةً على ما سبق، لا يوجد دليل دامغ على أن الدافع وراء ما قام به هذا الشرطي موضوع القضية هو “العنصرية”. وربما جاءت شكاوى في السابق من أشخاص بيض واجهوا إساءة معاملة ومعاملة قاسية. كما لا توجد أي بيانات تشير إلى إساءة استخدام ممنهجة ضد أشخاص سود بريئين تمامًا من قبل ضباط بيض بدافع العنصرية فقط. هذه المناقشة لا تتطرق إلى إساءة معاملة أفراد بيض من جانب ضباط بيض، أو سود على يد ضباط السود، أو إساءة معاملة البيض أو السود من جانب أفراد من الأعراق الأخرى. ومن الواضحِ إذن أن أعمال الشغب هذه لا تتعلق بتحقيق أي إصلاح منهجي أو إصلاح أي عنصرية على الإطلاق، ولكنها ليست سوى مبرر للفوضى الجماعية وادعاء الفضيلة، وإن كانت من أكثر الأنواع عنفًا.
لم يبدأ تاريخ هذا الحراك الأسبوع الماضي، ولا حتى في أي وقتٍ خلال إدارة ترامب، بل مع “حركة احتلوا وول ستريت” في عام 2011. وفي وقتٍ لاحق، كانت هناك حركة “حياة السود مهمة”، وحلقات مماثلة من المظاهرات السلمية التي تحولت إلى أعمال شغب جماعية استمرت لعدة أيام خلال إدارة أوباما.
وشملت كلُّ موجةٍ من هذه الموجات تدميرَ مجتمعاتٍ بأكملها، ولم تستثنِ من التدمير السود أو من ذوي الأصل الإسباني، أو غيرهم من أصحاب الأعمال التجارية والمساكن. وفي كلِّ موجةٍ من تلك الموجات، وقع مصابون، إن لم يكن قتلى. وقد تسببتِ الموجة الأخيرة في ذهاب عشرات من ضباط الشرطة إلى المستشفيات بسبب الإصابات الخطيرة. وهناك عناصر أخرى عزَّزَت، مع مرور الوقت، الطبيعة المشكوك فيها لهذه الاحتجاجات.
من يقف وراء أعمال الشغب هذه؟
أولًا، كانت هناك مزاعم عن وجود تمويل خارجي من قبل جورج سوروس وغيره من ممولي قضايا اليسار المتطرف، ودعاية شعبية زائفة على المستوى المحلي منذ بداية هذه الأنشطة “الشعبية”. ولم تتصاعد هذه الاتهامات إلا في هذه الموجة الأخيرة، حيث توجد مزاعم بأن النشطاء في مينيابوليس، على وجه الخصوص، قد نُقلوا بالحافلات من مدنٍ أخرى.
ثانيًا، هناك دور لحركة “أنتيفا”، وهي حركةٌ يسارية متطرفة. وقيل إن حركة أنتيفا هي إحدى الجماعات الخارجية المشاركة في هذه الأحداث الجارية. وقد دعا عدد من أعضاء مجلس الشيوخ إلى تصنيف أنتيفا كمنظمة إرهابية، ووافق الرئيس ترامب أخيرًا على القيام بذلك. إن دور أنتيفا في إثارة هذه الاحتجاجات، وما إذا كان من الممكن تصنيف أفعالها بشكلٍ عام أو في هذه الحالة بالذات على أنه يشكل أي نوع من أنواع الإرهاب، يحتاج لفحصٍ منفصل في مقال مستقبلي.
ثالثًا، هناك أدلة على أن الكارتلات المكسيكية، MS-13 (وهي عصابة إجرامية دولية شديدة العنف في لوس أنجلوس)، فضلًا عن جماعات متطرفة متنوعة تكره اليهود، قد انضمت إلى الفوضى، واختطفتِ “القضية” لدفع أجنداتها الخاصة. ولهذا الغرض، على سبيل المثال، تم استهداف الأعمال التجارية، والمعابد اليهودية في لوس أنجلوس، وتشويهها، ونهبها، وتخريبها.
رابعًا، هناك دور الجهات الفاعلة الأجنبية في استخدام هذه الحركات، وكذلك وسائل الإعلام، للتدخل في العمليات الديمقراطية في الولايات المتحدة. ومن المعروف أن روسيا شاركت في تضخيم أصوات حركة السود بصورة مهمة، ودعم نشاطها من خلال حملات وسائل التواصل الاجتماعي التي تستهدف الأمريكيين السود. إن استغلال عام الانتخابات الرئاسية لإحداث اضطراب جماهيري وفوضى يتسق تمامًا مع أسلوب العمل التقليدي لموسكو. وقد حدث هذا في الواقع، في الماضي في عام 2016، خلال عام انتخابي آخر مثير للجدل. كما أن إيران وتركيا، والأنظمة الاستبدادية الأخرى المعروفة بالخروج على القانون، ومحاكم الكنغر، والانتهاكات ضد السجناء السياسيين، وغيرها من المواقف المناهضة للإنسانية، استغلت الدعاية الخاصة بوفاة جورج فلويد لادعاء الفضيلة بشأن “انتهاكات حقوق الإنسان في الولايات المتحدة”، في محاولة للتقليل من الموقف الأخلاقي للولايات المتحدة بشأن انتقاد انتهاكات حقوق الإنسان في بلدانهم.
خامسًا، وصف نشطاءُ الحزبِ الديمقراطي المتطرفون، إلى جانب وسائل الإعلام ذات الميول اليسارية، أعمالَ الشغب هذه بأنها “احتجاجات”، حتى أن بعضهم حظر كلمة “أعمال شغب” حتى في حالات النهب والعنف الواضحين. ورغم أن الدولة وقفت صفًّا واحدًا في إدانة جريمة القتل، فإن هذا التحالف من مسؤولي الأحزاب ووسائل الإعلام التي تعمل كعملاء سياسيين كانوا يستخدمون القضية كأداة استقطابٍ لخلق انطباع بالسخط المبرر أخلاقيًّا ضد مزاعم الجمهوريين الذين “يحرِّضون بطريقة خبيثة” العنصريين، أو يتجاهلون التطرف العنصري لجماعات تفوق البيض، أو يساهمون بطريقة أخرى في “البيئة” التي ألهمت هذه الجريمة. وفي إحدى الحالات، تم القبض على أحد المراسلين وهو يتعاطف مع النشطاء العنيفين، ثم اضطر إلى التوقف عن تقديم البرنامج، فيما كانت شركات في مينيابوليس تحترق في الخلفية.
كيف ألهم الربيع العربي الربيع الأمريكي
هاجم المشاغبون مبنى لشبكة “سي إن إن” في أتلانتا، ولم يمنعوا منه إلا بعد قدوم الشرطة. وفي حين كانت هناك تغطية إعلامية واسعة لهذه الأحداث، فقد صاغت وسائل الإعلام جميع الأحداث في إطار “الاحتجاجات”، مقللة من أهمية استخدام عبارة “أعمال شغب” لوصف اندلاع العنف.
في أمره التنفيذي الذي يبرر حظر التجول الذي فرضه رئيس البلدية على مدينة نيويورك، وصف كومو الأحداث بأنها “سلمية في معظمها”، دون أن يوضح لماذا سيؤدي ذلك إلى الحاجة إلى حظر التجول.
وفي مينيابوليس ومينيسوتا التي يحكمها الديمقراطيون، أمرت سلطات المدينة والولاية الشرطة فعليًّا بالانسحاب في وجه أعمال النهب والحرق الواسعة النطاق. فما الذي من شأنه أن يحفز على دعم واسع النطاق للعنف والصمت من قبل الديمقراطيين ووسائل إعلامهم؟
إحدى القضايا المطروحة هي خدمة مصالحهم الذاتية في تعبئة الرأي العام لصالح زيادة الإقبال في التصويت في انتخابات نوفمبر، وربما التأثير على الولايات المتأرجحة. غير أن مشروعًا آخر أطول مدى هو “تطبيع” أعمال الشغب كشكل من أشكال تقويض العمليات الديمقراطية، ونزع الشرعية عن الخيارات التي يتخذها خصومها. وبالتالي، نشطت نفس جماعات أنتيفا النشطة بالفعل في أعمال الشغب “القائمة على العرق” على نطاقٍ واسع في حركات “المقاومة” والهجوم ردًّا على انتخاب الرئيس ترامب. وقد تم إتقان استخدام أعمال الشغب كأداة سياسية مع مرور الوقت، الذي صار نمطًا واضحًا في السنوات القليلة الماضية.
وإذا كان أيٌّ من هذا يبدو مألوفًا، فإنه يُعزى إلى أن بعض الأشخاص الذين شاركوا في تمويل هذه الحركات القائمة على أعمال الشغب قد شاركوا أيضًا في دعم وتمويل وتغطية أحداث الربيع العربي منذ وقتٍ ليس ببعيد. على سبيل المثال، يوفر برنامج “المعهد الديمقراطي الوطني” دعمًا واسعًا مهمًّا للحركات الاجتماعية، وأنشطة حياة السود، والحركات الشعبية المماثلة التي تتخذ من الولايات المتحدة مقرًّا لها، والتي تضاهي الحركات الدولية من هذا النوع.
وفي حين أن المعهد الديمقراطي الوطني، والمنظمات الإنسانية الست عشرة الأخرى التي أغلقتها حكومة السيسي في نهاية المطاف، لم تؤيد بالضرورة أيديولوجيا جماعة الإخوان المسلمين، فإنها اعتبرت جماعة الإخوان المسلمين حركة شعبية ديمقراطية، واعتُبر المحتجون اليساريون والإسلاميون ضد حكومة مبارك مستحقين للتدريب والدعم الاجتماعي تمامًا مثل أي حركة شعبية “ديمقراطية”.
ورغم أن هذه المنظمات لم تدعم أيديولوجيا بعينها، ولكن هذا النهج انتهى إلى تمكين جماعة الإخوان المسلمين، التي استولت على السلطة لفترةٍ وجيزة. ومن خلال إعطاء شرعية للإخوان المسلمين، ومعاملة نشطاء الإخوان على أنهم جديرون بالدعم، انتهى الأمر بهذه المنظمات الإنسانية إلى لعب دور في تأجيج الثورة حتى لو لم تكن الأهداف الأوسع لهذه المنظمات بالضرورة متوافقة مع رؤية هذه الجماعات.
ومع ذلك، كان الخطاب الشعبي في الأوساط الأكاديمية، وبين نشطاء حقوق الإنسان، يدعم جماعة الإخوان المسلمين على أسسٍ أيديولوجية كحركة “ديمقراطية” من شأنها أن تخفف من غلوائها عندما تصل إلى السلطة. فعلى سبيل المثال، دافعت منظمة “حقوق الإنسان أولًا” عن جماعة الإخوان المسلمين في وجه الاتهامات، التي تقول بأن الجماعة أيديولوجيًا لا تتطابق مع القيم الأمريكية، وستشكِّل تهديدًا للولايات المتحدة إذا أصبحت جزءًا من هيكل حكومي رسمي. وقد تطابق هذا السرد مع أجندة قطر وتركيا. وكثيرًا ما قدمت قناة الجزيرة الإنجليزية حججًا مماثلة.
معظم الناس يعتقدون أن جماعة الإخوان المسلمين منظمة تستثمر في نهج تطوري وغير عنيف للاستحواذ على السلطة، ولكن هناك أدلة متزايدة على أنها تمول المنظمات الإرهابية العنيفة التي تتبنى أيديولوجيا الإخوان المسلمين، وقد خرج العديد من أعضاء هذه الجماعات المتطرفة من دوائر الإخوان المسلمين. كذلك اتبع الإخوان المسلمون أيضًا مسارًا متشعبًا يضم الوسائل التي تدعي الديمقراطية، وأيضًا تبنوا العنف. وعلاوة على ذلك، فإن الحوادث الأخيرة توضح الأدلة التي تثبت تورط الإخوان في أنشطة تخريبية عنيفة، ما يعزز فكرة الطبيعة العنيفة المتأصلة للجماعة.
هناك تشابهٌ بين الربيع العربي، وشعار “حياة السود مهمة”، والحركات الأخرى من نوعها، من حيث إنها تتبع مزيجًا من عناصر تنظيم الحركات الاجتماعية الشعبية، وتعتمد على الدعم العام والتغطية الإعلامية الحرة لتعزيز نفوذها. كما أنها تشترك في مبادئ وخطابات ثورية، على الرغم من تباين مستوى العنف المستخدم في مختلف مراحل هذه الحركات. ومع ذلك، فمن غير الدقيق الادعاء بأن انتفاضات الربيع العربي كانت سلمية تمامًا، وفي الواقع، تسعى العديد من الحركات المستلهمة من جماعة الإخوان المسلمين في الشرق الأوسط اليوم إلى التعلم من الانتفاضة الأولى، لكنها تحاول تجنب ردود الفعل العنيفة على الإجراءات الحكومية، التي ساهمت في فشل الربيع العربي في بعض الحالات.
وفي حين أن الربيع العربي قد يكون فشل في كثيرٍ من الحالات، فإن نجاح صعود الحركات التي تقف وراء هذه الانتفاضة ودعمها قد غذَّى تنامي التنظيم المجتمعي، والنهج الذي تغذيه وسائل التواصل الاجتماعي، في الانخراط في النشاط السياسي في الدول الغربية، بما في ذلك في الولايات المتحدة.
ولكن هناك بعض الجاذبية الشعبوية لتعبئة الجمهور في موجة ثورية لتحقيق أهداف سياسية بسرعة وحزم بدلًا من العملية البيروقراطية الطويلة المتمثلة في استقطاب الناخبين، والحملات الانتخابية، والانتخاب. وعلاوةً على ذلك، فإن التكلفة أقل بكثير، على المستوى الأعلى، ما يحقق تكافؤ الفرص أمام الناشطين، وبالتالي يخلق مظهرًا أكثر “ديمقراطية”. ولا عجب أن المجموعات التي شهدت قدرًا من النجاح في نموذج الربيع العربي، قررت تطبيق العناصر الأكثر نجاحًا على الواقع في الولايات المتحدة.
دور وسائل التواصل الاجتماعي في تسهيل الثورات العنيفة
في الولايات المتحدة، لا يتطلع الناشطون اليساريون الذين يقفون وراء أعمال الشغب هذه إلى قلب نظام الحكم بأكمله، لكنهم يجدون أنه من المشروع استخدام وسائل ثورية للوصول إلى السلطة في الحالات التي يفتقرون فيها إلى الدعم للوصول إلى مبتغاهم من خلال الحملات الانتخابية التقليدية، كما حدث في عام 2016. ومرة أخرى، يتكاتفون مع وسائل الإعلام القطرية، ونشر نقاط حوار يسارية لدعم حركة أنتيفا في الولايات المتحدة، حتى مع قمع مثل هذه الحركات محليًّا في الدول المحافظة.
يوحِّد التحالف اليساري-الإسلاموي مرة أخرى قواه لتعبئة الناشطين والالتفاف على القيم الليبرالية والمعايير الديمقراطية وتجاوزها فيما يتعلق بإجراء انتخابات نزيهة وفعالة. وأحد التفسيرات المحتملة للتوقيت هو أن عمليات الإغلاق المشكوك فيها، التي ألحقت ضررًا كبيرًا باقتصاد “ترامب” المزدهر والمتحرر من القيود التنظيمية، لم تعد ذات فائدة، فلقد مضى الأسوأ فيما يتعلق بالوباء. وبدأ المحافظون وعمداء المدن، وليس جميعهم من الجمهوريين، في فتح الولايات والمدن في جميع أنحاء الدولة. لذلك، كان التشتيت التالي عن العملية السياسية من قبل منظمي اليسار المتطرف المعارضين لترامب هو إيجاد سببٍ لاضطرابات جماعية من شأنها نشر الخوف في جميع أنحاء البلاد، وتقويض الثقة في الهياكل والمؤسسات الحكومية، التي كانت بالطبع واحدة من النتائج الرئيسة لثورات الربيع العربي.
في أعقابِ الربيع العربي، قامت بعض الحكومات بتنفيذ سلسلةٍ من الإصلاحات التي كان ينبغي نظريًّا أن تعيد ثقة الناس بالسلطات، ولكن من ناحيةٍ أخرى بعد أن شهدت مستوى من النجاح للنموذج، استخدمها الناشطون مرارًا وتكرارًا لزيادة الشكوك حول تلك الإصلاحات بأنفسهم وللدفع باتجاه التدخل الخارجي في تلك الدول.
وبعبارةٍ أخرى، فإن التنازلات التي قدِّمت إلى الحشود لم تحرض إلا على المزيد من المطالب. وبدلًا من أن تضع حدًّا للشكاوى من عدم استجابة الحكومة للاحتياجات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، استُخدم نجاح نموذج الشغب في فرض هذه الإصلاحات الأولية لتبرير المحاولات المستقبلية لتنظيم انتفاضات أخرى وتصوير الإصلاحات التي تم الفوز بها على أنها غير كافية وغير ديمقراطية في حد ذاتها.
كيف تغذِّي وسائل التواصل الاجتماعي الاستقطاب والحركات الشعبوية
وعلى أهمية وسائل الإعلام الجماهيري، فإنها لم تكن كافية بمفردها لتحريك القلوب والعقول. بالإضافة إلى ذلك، استغل الناشطون شبكات ووسائل التواصل الاجتماعي العملاقة وسياساتها غير المتسقة وغير المتماسكة في ادعاء الفضيلة لإشراك المتعاطفين، وإسكات صوت المنتقدين والمعارضين. إذن، تُستخدم وسائل التواصل الاجتماعي كوسيلة لحرب المعلومات للالتفاف حول المعايير الاجتماعية والسياسية، كمصدر للاستقطاب وزعزعة الاستقرار. وقد كشف تريستان هاريس، الذي كان يعمل سابقًا في فيسبوك، عن كيفية استخدام تويتر وفيسبوك للخوارزميات لتشجيع الانقسامات، وغرف الصدى، وتأليب الناس ضد بعضهم بعضًا.
يؤدِّي هذا، بشكلٍ عام، إلى تجريد الناس من إنسانيتهم، ما يزيد من المشاعر السلبية، ويخلق فقاعات اجتماعية يصبح من الصعب الخروج منها. وبدلًا من تحطيم الجدران في التواصل، كان التأثير العام لوسائل التواصل الاجتماعي هو إقامتها؛ لأن الغضب والخوف يؤديان إلى مزيد من المشاركة وزيادة الأرباح. وعلى عكس وسائل الإعلام التقليدية، التي يتقلص جمهورها بشكل متزايد، يفتخر عمالقة وسائل التواصل الاجتماعي بملايين المستخدمين النشطين، مقارنة بالركود المتمثل في مراقبة ما تكرره وسائل الإعلام التقليدية. وهي أنسب بكثير للمشاركة المدنية والتعبئة للعمل.
وفي حين أن الشرارة الأولى للربيع العربي في تونس حدثت عبر الوسائل التقليدية -إثر وقوع حادث في الشارع- فقد ضخَّم تويتر التعبيرَ عن الاستياء الشعبي، كما نشر فكرة “الثورة الاجتماعية” في الدول المجاورة. وعلاوةً على ذلك، كانت تعبئة الناشطين على الإنترنت أسهل وأكثر أمانًا بالنسبة للغرباء والمطلعين المشاركين في بناء الحركة.
ومن المعروفِ أن التجمعات المادية يمكن اختراقها وتعطيلها بسهولة من قبل الحكومات، أما نشر الدعم على تويتر فلا يتطلب تنسيقًا وتخطيطًا لوجيستيًّا كبيرًا. هل كان الربيع العربي يتمتع بأي مستوى من النجاح الشعبي بدون دور وسائل التواصل الاجتماعي؟ يمكن استخلاص الأدلة على أن هناك صعوبة أكبر بكثير تواجه الاحتجاجات الاجتماعية من دون هذا العامل من مثال إيران، حيث اتجهتِ الحكومةُ في السنوات الأخيرة لحظر تطبيقات وسائل التواصل الاجتماعي، وحتى قطع الإنترنت في بعض الحالات القصوى، بهدف عرقلة الاحتجاجات المادية المنظمة.
وقد استُخدم موقع تويتر للتلاعب بتدفق المعلومات، ليس فقط للادعاءات الصادقة بالفساد الحكومي، ولكن أيضًا، إلى حدٍّ ما، لتركيز النقاش على الحاجة الملحة للتحرك فورًا، مقللًا من شأن عواقب التمرد، فضلًا عن الحاجة إلى التخطيط وتوفير بدائل فعَّالة ومستدامة. وقد كانت هذه العملية تستهوي العقلية في ذلك الوقت، ولكنها في الوقت نفسه صرفت الانتباه عن إمكانية تقديم أي نُهج وحلول محتملة أخرى.
وفي نهايةِ المطاف، استُخدم تويتر لتحويل المراقبة السلبية للحدث إلى مشاركة نشطة ودعوة إلى العمل/التحرك. ومع ذلك، ففي الحالات المستقبلية للحركات الاجتماعية، كان لسهولة الدعوة إلى العمل والطبيعة الاستقطابية للوسط، الذي يمكن أن يستخدم سهولة الوصول إلى أعداد جماعية لتوليد الاضطرابات العاطفية، تأثيرٌ معرقل لأيِّ معلوماتٍ تقف في طريق تنظيم استجابة فورية، ما أسهم في إدامة “رؤية النفق” نحو نُهج أكثر تطورية واستجابات أقل حدة.
كانت أدوات وسائل التواصل الاجتماعي هذه متاحةً لجميع القوى الثورية، وليس فقط القوى “الجيدة”. ويمكن القول إن تويتر سهَّل في البداية صعود تنظيم “داعش”؛ أحد أكثر التنظيمات الإرهابية دهاء في استخدام التكنولوجيا، الذي برز بسبب جاذبيته الفعالة للمؤيدين المحتملين من خلال الصور والفيديوهات القوية، والنشر الفعال للمعلومات، والنداءات العاطفية والرنانة. ولم يبدأ تويتر، وغيره، في اتخاذ خطواتٍ نحو الحد من الإرهابيين والمتطرفين الأيديولوجيين على المنصة إلا عندما بدأ داعش بقطع رؤوس الأميركيين أمام الكاميرات في عام 2014.
ولكن تبيَّن أن حتى هذه العملية معقدة أيضًا. لقد تم استغلال آليات التَّحكُّم الخاصة بتويتر والمنصات الأخرى بسهولة لإسكات الأصوات المعارضة لداعش وغيرها من الجماعات والأنظمة المتطرفة. وهناك بالتأكيد ميول أيديولوجية بين المشرفين على وسائل التواصل الاجتماعي، وجميعهم يعانون نفس نقاط الضعف في الطبيعة البشرية التي تحركها الأنا، ولكن يبدو أن عدم الكفاءة وظروف العمل السيئة لهؤلاء الموظفين هي الجزء الأكبر من التفسير، ما أدَّى في نهاية المطاف إلى دعاوى قضائية جماعية.
وسائل التواصل الاجتماعي نفسها التي “أضفت الطابع الديمقراطي” على التواصل، وساعدت على صعود دونالد ترامب، وبيرني ساندرز، تتمتع بالجاذبية ذاتها التي تتمتع بها حركات شعبوية أكثر عنفًا. لقد ساعدت على كسر الحواجز في التواصل بين المرشحين أو قادة الحركات والجمهور، وتبسيط الخطاب، والأفكار النبيلة والمظالم بطريقة يمكن لأي شخص من أي خلفية.
هل يتعمد عمالقة وسائل التواصل الاجتماعي تسهيل صعود بعض الحركات من خلال التمييز المستهدف؟
من حيث الاتجاه الأيديولوجي لعمالقة وسائل التواصل الاجتماعي، فلا يمكن تجاهل أن رؤساء هذه الشركات يشتركون في نظام قِيَم شبه موحد، وأصبحت فكرة فرضهم هذا النظام على منصاتهم أكثر مصداقية مع مرور الوقت، مع استهداف تعسفي على ما يبدو لمختلف الجماعات، وتمكين الآخرين غير المبرر. وكان المحافظون، والسعوديون، والمدافعون عن حرية التعبير، وغيرهم من بين الكثيرين الذين اشتكوا بمرارة من حذفهم من المنصة دون أي نوع من الإجراءات القانونية الواجبة، في حين لا يعاني خصومهم أي عواقب على الأعمال المتطرفة، والمضايقات، وانتشار المحتوى المتطرف والتهديدي.
عقد الكونجرس جلساتِ استماع مختلفة، حول ما إذا كان فيسبوك وتويتر ناشرين للمحتوى أو منصات (وبعبارةٍ أخرى، ما إذا كانا ملزمين بموجب القانون بالامتناع عن التدخل في المحتوى إلا عندما يكون هناك انتهاك واضح للقوانين القائمة أو ما إذا كانا مجرد مقدمي خدمة وسيطة، وفي هذه الحالة يكون لهما كل الحق في وضع قواعدهم الخاصة وإنفاذها، وتطبيقها بأي مستوى من الاتساق يختارونه)، لكن هذه الجلسات لم تغير في نهاية المطاف أيَّ شيء.
هل تشارك وسائل التواصل الاجتماعي في العملية السياسية؟
في الواقع، بدَتِ المنابر الرئيسة سعيدة بلعبها في كلا الاتجاهين، حتى أن تويتر حظر الإعلانات السياسية، وبالتالي، يمكن القول، بأنه يتدخل في العملية الانتخابية نيابة عن تلك الأحزاب التي ستستفيد أكثر من غيرها من الحد من التعرض من قبل خصومها. كما تم تناول القلق بشأن التأثير والتدخل الأجنبي وإساءة استخدام البيانات الشخصية، والخصوصية في جلسات الاستماع التي عقدها الكونجرس، ولكنها لم تؤدِّ إلى أي قرارات حاسمة فيما يتعلق بالسياسات المتبعة. وقد ألمح الكونجرس إلى تنظيم عمل عمالقة وسائل التواصل الاجتماعي، وإنشاء فريق عمل فيدرالي لفرض احترام سوق الأفكار وضمانات بشأن المحتوى المثير للجدل، مع ضمان اتخاذ إجراءات قوية بشكل مناسب ضد انتشار التطرف. بيد أن هذه المسألة لا تزال حتى الآن دون حل. وفي الوقت نفسه، أصبح من الواضح بشكل متزايد أن عمالقة وسائل التواصل الاجتماعي يستخدمون هذا الغموض القانوني للعب دور سياسي دقيق ولكن مؤثر في أن يصبحوا حُكامًا على “معايير المجتمع” في الحوار الجماعي.
على سبيلِ المثال، اتخذ فيسبوك تدابير للاستحواذ على “واتس آب” التي كانت شركة خاصة ذات يوم، وترددت شائعات بفرض رقابة على المحادثات الخاصة، والتأثير على هذه الدردشات بطريقة مخادعة، وإغراق المستخدمين بنصائح مسيّسة عن فيروس كورونا مجاملة لمنظمة الصحة العالمية التي تتأثر بالصين. في دول مثل فيتنام، أدى رضوخ فيسبوك وواتس آب وغيرهم، لضغوط الحكومة إلى تباطؤ المحتوى المعارض ومراقبته. وفي الآونة الأخيرة، أنشأت فيسبوك “مجلس الإشراف” ذا ميول يسارية إلى حد كبير من مراجعي المحتوى والمستشارين المجتمعيين، الذي يضم أيضًا ناشطة “الربيع العربي” توكل كرمان، المعروف أنها تُموَّل من قطر، والمتعاطفة مع تركيا. ولا شك أن تعيين شخصية مستقطبة ومثيرة للجدل من هذا القبيل يشير إلى تغيير مسار فيسبوك لاسترضاء وإشراك الناشطين اليساريين المتطرفين والثوار وحلفائهم الإسلاميين في الداخل والخارج، وإن كان ذلك على حساب مستخدميهم الآخرين.
ومع ذلك، كانت الضربة الأخيرة لأي مظهر من مظاهر الموضوعية هي قرار تويتر “التحقق” من التغريدات الفردية (دون تنفيذ أي معايير واضحة لمثل هذه القرارات)، و”التحقق” من تغريدة الرئيس ترامب، دون أن يفعل الشيء نفسه مع آية الله خامنئي، وجواد ظريف، والرئيس التركي أردوغان، أو أي من الملايين من دعاة النظم المختلفة، والمدافعين عنها، والمؤيدين لها، والناطقين باسمها.
هل سيساعد التدخل السياسي في حل إساءة استخدام السلطة من قبل وسائل التواصل الاجتماعي؟
وقّع الرئيس ترامب، الذي أثار قرار تويتر حفيظته، أمرًا تنفيذيًّا من شأنه أن يجرد عمالقة وسائل التواصل الاجتماعي من بعض الحمايات القانونية التي تسمح لهم بالاستمرار في أفعالهم. القرار التنفيذي له تأثير مثير للانقسام على مؤيديه، ويمكن القول إنه مكتوب بشكل غامض، ويمكن الطعن فيه في المحكمة.
وهناك إشكالية أخرى تتمثل في أنه لم يمر عبر العملية التشريعية في الكونجرس، وبالتالي يمكن التخلي عنه بسهولة من قبل أي رئيس مستقبلي، بما في ذلك ترامب نفسه، الأمر الذي يثير أسئلة أكثر مما يجيب. وعلاوة على ذلك، فإن القانون الذي يميز الناشرين عن مزودي المنصات أكثر تعقيداً من الناحية القانونية مما يعتقد. لذلك قد تكون أسباب تنفيذ أي قرارات تنظيمية مهمة ضد شركات وسائل التواصل الاجتماعي على هذا الأساس مهتزة، ومرة أخرى، ضعيفة في قاعات المحكمة.
غير أن الطريقة الأكثر فعالية لمحاسبة منصات وسائل التواصل الاجتماعي على تمكين الطغاة وإعطاء منبر للمتطرفين المناهضين للولايات المتحدة هي اتخاذ الخطوات التي اقترحها السيناتور كروز، الذي يضغط من أجل إجراء تحقيق جنائي في سماح تويتر لخامنئي وظريف بالاحتفاظ بحساباتهما، في تحايل على العقوبات الأمريكية. ويستمر هذا على الرغم من التحذيرات الرسمية السابقة من قبل السيناتور كروز.
وفي حين أن تلك المعركة لا تزال في مراحلها الأولى، فقد كان رد فعل تويتر وفيسبوك مختلفًا عن تعليق الرئيس ترامب. لقد كان تويتر صريحًا فيما يقدِّمه على أنه مكافحة “التضليل” المتعلق بالإجراءات الانتخابية مثل التصويت بالبريد، بشكل عام، وليس فقط فيما يتعلق بالرئيس، أما فيسبوك فلم يعلق. ويرى الكثيرون أن موقف تويتر بشكلٍ عام يرقى إلى التدخل في الانتخابات، واتخاذ موقف سياسي من قبل عملاق وسائل التواصل الاجتماعي الذي يحظى بقدرٍ كبير من النفوذ.
وكان مارك زوكربيرج، الذي تبرع في الماضي لكل من المرشحين الجمهوريين والديمقراطيين، أكثر توافقًا مع موقف الحكومة، وأقل تأييدًا علنًا للقيود المفروضة على الخطاب السياسي، وسمح بالإعلانات السياسية. ولكن في الوقت نفسه، فإن فيسبوك، بقدر ما هو الحال بالنسبة لتويتر، وغيره من منصات وتطبيقات وسائل التواصل الاجتماعي، قد أفسح المجال للثوار الجدد لتنظيم المعلومات وتبادلها (على الرغم من أن بعض الأنشطة الأكثر تطرفًا في أعمال الشغب الحالية تتم الآن عبر تطبيق تيك توك)، وبالتالي يستمر في إعطاء فرصة للنشطاء المتطرفين للوصول إلى الجمهور والدعم التمويلي على حد سواء.
وكانتِ المنابر، على سبيل المثال، بمنزلة دعوة واضحة فعالة لمختلف المشاهير اليساريين الذين التزموا بدفع تكاليف المحامين وتمويل الكفالة لإطلاق سراح المشاغبين الذين تعرضوا للاعتقال. ويمكن القول، إن معرفة المرء بأن هناك شخصًا ما سوف يقدم المساعدة المالية للتداعيات القانونية، وسوف يساعده في أن يصبح مشهورًا، من شأنه أن يشجع النشطاء على الانضمام لمثيري الشغب.
في حين أن الحكومة الأمريكية تجري تجارب لمختلف الأساليب التي من شأنها أن تجعل منصات وسائل التواصل الاجتماعي أكثر عدالة وأقل استيعابًا للمتطرفين والتدخل في الانتخابات، لا تزال وسائل الإعلام الاجتماعية وسيلة رئيسة للهندسة الاجتماعية والتعبئة، إن لم يكن التغيير. التلاعب في الخوارزميات لخلق آثار اجتماعية معينة هو، من دون شكٍ، نوعٌ من هذه الهندسة، والمعاقبة والحظر الخفي لبعض الأطراف في المناقشة مع السماح للآخرين أو تشجيعهم، هو بالمثل لونٌ من ألوان التدخل في المعايير الاجتماعية والمحادثات، بدلًا من مجرد مراقبة الانتهاكات المحددة بوضوح. وما دام الثوار يجدون عناصر تمكين وحلفاء أقوياء، فسوف يكون لديهم الحافز والوسائل لمواصلة التحريض على الاضطرابات الاجتماعية إلى حد العنف.
ما الذي يمكن توقعه؟
لكن هل سيغير هذا في نهاية المطاف نتيجة الانتخابات؟ هل ستخلق أعمال الشغب هذه المزيد من المتعاطفين، أم أنها، من ناحية أخرى، ستبعد المتعاطفين المحتملين الذين تأثروا سلبًا بالعنف؟ سنرى ذلك. ولكن على عكس مظالم الفساد والظلم الشديد التي ظهرت إلى السطح في وقت الربيع العربي الذي اختطفه المتطرفون في نهاية المطاف، كان النظام القانوني الأمريكي بشكل عام فعالًا ومتسقًا ومنفتحًا على التغيير من خلال الوسائل الديمقراطية العادية التي لا تتطلب الإطاحة بالأجهزة الحكومية القائمة عن طريق العنف لكي تؤدي إلى نتائج عادلة. ومع ذلك، فإن الاتجاهات مثيرة للقلق.
وفي الدول العربية التي تواجه حركاتٍ اجتماعية منظمة من قبل المعارضة، مع خطر اندلاع انتفاضات وثورات جماهيرية، تعلمت الحكومات في نهاية المطاف كيفية تحقيق التوازن بين تنفيذ الإصلاحات المهمة، مع القدرة على التعامل مع التطرف والتهديدات الأمنية. لكن الأمر المثير للمفارقة أن السلطات في الولايات المتحدة، وهي دولة لها تاريخ أطول بكثير في استخدام الوسائل الديمقراطية لمعالجة المظالم، تكافح من أجل التواصل مع السكان بطريقةٍ توحدهم وتلغي التأثير الاستقطابي الضار لهؤلاء الناشطين والمتعاطفين معهم في المنظمات غير الحكومية، ووسائل الإعلام، والنظم التعليمية على مدى الجيل.
كما تكافح الحكومة الأمريكية، والمؤسسات الكبرى، بغية إيجاد إرادة سياسية ووسائل قانونية فعالة لدرءِ ارتفاع وتزايد تكرار انتخاب الأيديولوجيين المتطرفين في جميع أنحاء الدولة.
وفي حين أن هذه الاتجاهات قد تضر، في نهاية المطاف، أكثر مما تفيد الثوار، الذين خدعوا العديد من المؤيدين المحتملين ودمروهم، فإنها إذا استمرت في المستقبل، فسيكون لديها القدرة على إلحاق ضرر أكبر بكثير وتأثير سياسي جذري.
* يسعى موقعُ «عين أوروبية على التطرف» إلى نشرِ وجهاتِ نظرٍ مختلفة، لكنه لا يؤيد بالضرورة الآراء التي يُعبِّر عنها الكتّابُ المساهمون، والآراء الواردة في هذا المقال تُعبِّر عن وجهةِ نظر الكاتب فقط.
**محامية حقوقية ومحلة للأمن القومي مقيمة في نيويورك