أميرتا بهيندير**
لقد استمر سريان المادة 370 من الدستور الهندي، وهي مادة مؤقتة تمنح “وضعًا خاصًا” لولاية جامو وكشمير (التي تعرف باسم كشمير)، لمدة سبعين عامًا إلى أن ألغتِ الحكومةُ الهندية هذه المادة الأسبوع الماضي فقط، على الرغم من أنها استنفدتِ الغرضَ الذي وُضعت من أجله منذ عقود. والجدير بالذكر أن الجمعية التأسيسية لجامو وكشمير، التي كانت عبارة عن هيئة من الممثلين المنتخبين في عام 1951، ذكرت بوضوح في ديباجة دستور الولاية في عام 1956 “أنها جزءٌ لا يتجزأ من اتحاد الهند”، وذلك بموجب انضمام هذه الولاية إلى الهند في السادس والعشرين من أكتوبر 1947. ولكن لا تزال المادة 370 سارية، عامًا بعد عام، وهذا يعني أن الولاية ظلت محصنة ضد القوانين الوطنية، وضحية للسياسيين المحليين المتطفلين الذين حولوها إلى إقطاعية شخصية. وفي الوقتِ نفسه، عمل الزعماء الانفصاليون على استدامةِ المطالب للحصول على الحرية إلى ما لا نهاية.
لقد أحبطت جميعُ الجهود الرامية إلى إلغاء المادة 370، وتمكين ولاية جامو وكشمير من خلال إدماجها في الاتحاد الهندي، أغلب هذه الجهود كانت من جانب القائمين على السلطة من المستبدين المحليين الذين استفادوا من الصراع المجمد، وراكموا السلطةَ والثروةَ. تعد العلمانية مبدأ أساسيًا من مبادئ دستور الهند، من جانبٍ آخر، فإن حقيقةَ أن الأغلبية في كشمير مسلمة، قد استخدمت كرادع ضد استيعاب الهند ذات الأغلبية الهندوسية للمقاطعة بشكل صحيح. وهذا لم يبق الصراع مشتعلًا فحسب، بل تجاهل الأقليات السكانية الكبيرة في المنطقة. ففي حين يسيطر المسلمون على الوادي، نجد أن جامو ذات أغلبية هندوسية، ولاداخ مزيجٌ من البوذيين والمسلمين، ثم هناك الغوجار والباكاروال.
في عام 2018، ولأول مرة، وبعد أكثر من عقد من الجهود، شارك القادةُ الكشميريون على المستوى الشعبي في عملية ديمقراطية تمثلت في انتخابات الهيئة المحلية والانتخابات البلدية، والتي أجريت في ظل حكومة نارندرا مودي، وجرت الانتخاباتُ تحت إشراف وزارة الداخلية. وكان من المتوقع أن تواجه انتخابات الهيئات المحلية معارضة من جانب أكبر حزبين سياسيين محليين في الولاية هما المؤتمر الوطني، والحزب الديمقراطي الشعبي، في جامو وكشمير. لكن الأمر الذي لا يخلو من دلالة هو كيف دعا رئيسا وزراء سابقان للولاية، ترأسا هذين الحزبين، هما السيد عمر عبد الله والسيدة محبوبة مفتي، إلى إلغاء العملية الديمقراطية التي من شأنها أن تُمكّن أهل الولاية بصورة حقيقية، وتبدو سياستهما متماشيةً مع مطالبِ المسلحين الذين تدعمهم باكستان، والقادة الانفصاليون.
ورغم أهمية العوامل المحلية، فإنه من دون وجود الدعاية المضادة القادمة عبر الحدود الباكستانية، التي تستهدف السكان المسلمين المحليين، أصبحت أزمة كشمير مستعصية على الحل بهذا الشكل. لقد أثبت “الوضع الخاص” الممنوح لكشمير، الذي يهدف إلى تخفيف حدة التوتر في الولاية، أنه هدية لإسلام آباد في حملتها للتضليل والتحريض في كشمير، مستخدمة ورقة الدين أداة لتأجيج الحركات الانفصالية والإرهابية ضد الهند.
لقد وفّرت المادة 370 إطارًا يزدهر فيه الفساد والإرهاب والاغتراب في كشمير. واستمرت فكرة الانفصال، بل انتشرت كفكرةٍ مثالية. وجرى التلاعب بهذه القضية بسهولة من قبل المتطرفين، المحليين والأجانب، لتجنيد الشباب واستخدامهم كوقود لشن حرب ضد الهند. وكانت هذه الدينامية حاضرة ولعبت دورًا في هجوم بولواما في فبراير 2019، حيث صدم انتحاري- كشميري محلي، تم تلقينه دعاية أجنبية – سيارته في قافلةٍ لقوات شبه عسكرية، مما أسفر عن مقتل 44 فردًا وإثارة جولة جديدة من التصعيد بين الهند وباكستان؛ عشية الانتخابات في الهند.
وهكذا، يمكن القول إن الشعور بالقوة الناتج عن “الوضع الخاص” في كشمير بموجب المادة 370 هو شعور زائف. لقد شكَّل هذا الوضع عائقًا أمام التطبيق المتساوي لسيادة القانون وأمام تحقيق التنمية. إن إلغاء المادة 370 يمهد الطريق أمام ولاية جامو وكشمير لكي تحتل أخيرًا مكانها الصحيح كجزءٍ حقيقي ومتكامل من الهند.
*يسعى موقعُ «عين أوروبية على التطرف» إلى نشرِ وجهاتِ نظرٍ مختلفة، لكنه لا يؤيد بالضرورة الآراء التي يُعبِّر عنها الكتّابُ المساهمون، والآراء الواردة في المقالات والدراسات تُعبِّر عن وجهةِ نظر أصحابها.
**محامية هندية شهيرة، وهي كاتبة عمود في المطبوعات الهندية البارزة، كما أنها كاتبة تلفزيونية. لديها 15 عامًا من الخبرة في المجال القانوني. سبق وعملت كمستشار قانوني لمجموعةِ شركاتٍ أمريكية، عندما قررت التخلي عن وظيفتها للقيام بدور نشِط في التغيير الذي تمر به الهند. دخلت في السياسة وكانت الناطقة الرسمية باسم حزب بهاراتيا جناتا الحاكم، وهي حاليا العضو التنفيذي في الحزب في جناح الشباب.