فرزاد رمضاني بونش**
تأسس حزب التحرير في القدس وقتما كانت تحت الحكم الأردني في عام 1952 على يد الشيخ تقي الدين النبهاني، ويدعو بقوة إلى إقامة دولة أو “خلافة” إسلامية. دوّن نبهاني معتقداته في رسالة بعنوان “الدولة الإسلامية”، ووفقًا لرؤيته، سيكون للخليفة الرأي الأول والأخير في جميع جوانب المجتمع، بما في ذلك الشؤون الشخصية والاجتماعية والسياسية. يرفض الحزب كلَّ ما يعتبره غيرَ إسلامي؛ مثل الديموقراطية، والنظام السياسي الحالي في أفغانستان. ويعتقد الحزب أن الحكومة الأفغانية دولة عميلة، وأن دستورها تحكمه قوانين الكفار. ويرى أن المشكلات القائمة سوف تستمر إلى أن يتم القضاء على وجود الأمريكيين والأنظمة الغربية في أفغانستان.
نشر الدعاية
حزب التحرير ليس حزبًا رسميًا بل يعمل بشكل غير رسمي في معارضة الحكومة الأفغانية منذ عام 2003. هدفه النهائي هو الإطاحة بالحكومة، ولتحقيق ذلك يعمل وفق استراتيجية تتكون من مراحل مختلفة. أولًا، يحاول حشد السكان للتعاون معه، من خلال نشر الدعاية المضادة للدولة، ويعكف على تحقيق ذلك عبر نشر كتب ومجلات ودوريات وكتيبات على موقعه الرسمي على شبكة الإنترنت. ثانيًا، يحاول اختراق المجتمع من خلال المساجد والجامعات، والمدارس الدينية في أفغانستان. ثالثًا، يهدف إلى الإطاحة بالحكومة سلميًا من خلال العملية السياسية. ورغم اعتماده على الجهود السلمية في البداية، لكنه يرى أنه في حال فشل كل هذه الخطوات السلمية، فإنه يعتزم استخدام القوة أو الجهاد العنيف للإطاحة بالحكومة.
حزب التحرير وداعش
يعتقد حزب التحرير أن الخلافة يجب أن تستند إلى نهج النبي محمد أو سنَّتِهِ. ويعتقد أن داعش قد شوَّهت تصورات الشعب لما يجب أن تبدو عليه الدولة الإسلامية؛ بسبب تركيزها الشديد على العنف والقوة الغاشمة. فداعش -وفقًا لحزب التحرير- متأثرة بشدة بالدخلاء؛ لأنه لا يوجد لديها أساس فكري ترتكن عليه. ومع ذلك، يعتقد العديد من المسؤولين الحكوميين أن عناصر حزب التحرير يتعاونون مع تنظيمي داعش، والقاعدة، والجماعات المتطرفة في باكستان وطالبان، من أجل تنفيذ عمليات اغتيالات سياسية. ويقول منتقدو التنظيم إن حزب التحرير يعمل ذراعًا ثقافيًّا لداعش، والجماعات الجهادية الأخرى، ويقاتل لصالح داعش في كل من أفغانستان وسوريا.
في نوفمبر 2015، بدأتِ الحكومة الأفغانية تولي اهتمامًا أكبر بحزب التحرير، بعد أن تبين أن الحزب قد تسلل إلى العديد من المنظمات الشبابية، وأنه يعمل باعتباره جناحًا مدنيًّا للعديد من الجماعات الإرهابية، بما في ذلك جماعة حزب الله اللبنانية المسلحة. الغريب هو أن الحكومة الأفغانية اعتمدت إلى حد كبير نهجًا سلبيًّا في التعامل مع حزب التحرير، ما أثار انتقاداتٍ واسعة النطاق في أفغانستان.
الخلاصة، يتعين على المسؤولين الأفغان أن يأخذوا تهديد حزب التحرير على محمل الجد. ونظرًا للنفوذ المتنامي الذي يتمتع به الحزبُ في المناطق الريفية والحضرية التي تقطنها أغلبيةٌ من السنة، فإنه سيشكِّل بالتأكيد تهديدًا كبيرًا للحكومة، ويستحوذ على اهتمام الجهات الفاعلة الأجنبية في الدولة.
*يسعى موقعُ «عين أوروبية على التطرف» إلى نشرِ وجهاتِ نظرٍ مختلفة، لكنه لا يؤيد بالضرورة الآراء التي يُعبِّر عنها الكتّابُ المساهمون، والآراء الواردة في هذا المقال تُعبِّر عن وجهةِ نظر الكاتب فقط.
** فرزاد رمضاني بونش، باحث أول ومحلل في الشؤون الدولية