لطالما صورت العلاقة بين الحوثيين في اليمن وإيران على أنها تحرك إيراني جانبي حديث نسبيًا بدأ في عام 2009 ردًا على التدخل السعودي العلني ضد الحوثيين في حروبهم مع الحكومة اليمنية. وغالبًا ما يؤكد هذا التحليل التقليدي أن الشيعة الزيديين اليمنيين، الذين ينتمي إليهم الحوثيون ظاهريًا، والشيعة الاثني عشرية الإيرانيين لا يتفقان إلى حدٍّ يسمح بتحالفٍ أيديولوجي، ما يضع الحوثيين في نفس الفئة التكتيكية التي يضعها وكلاء إيران السنة وحلفاؤهم؛ مثل حماس أو طالبان أو القاعدة، في مقابل جماعات مثل حزب الله في لبنان أو كتائب حزب الله في العراق. علاوة على ذلك، فهناك تأكيد عالمي تقريبًا أن التمرد الأولي الذي قام به حسين بدر الدين الحوثي وفصيلاه في حركة الشباب المؤمن كان مجرد ردّ فعل على المظالم المحلية، بما في ذلك انتشار السلفية في المناطق الزيدية برعاية السعودية والحكومة، والتهديد المزعوم للطقوس الدينية الزيدية.
لكن هذا التقرير يعيد النظر في هذه الافتراضات الطويلة الأمد، موضحًا أن هناك في الواقع علاقة إيديولوجية عميقة بين إيران والحوثيين تعود إلى عام 1979، وأن إيران تعهدت الحوثيين ومعاونيهم بالرعاية، مستخدمة إياهم في تدبير الانقسام الإيديولوجي في حركة النهضة الزيدية؛ وهذا أبعد ما يكون عن رد فعل على المظالم المحلية، وأن التمرد الذي قامت به حركة الشباب المؤمن في عام 2004 كان مخططًا له منذ فترة طويلة، وجزءًا من الهجوم الإيراني الإقليمي الأوسع نطاقًا على الولايات المتحدة، وحلفائها في “الحرب على الإرهاب”. وعلاوة على ذلك، فإن دعم إيران للحوثيين ليس مجرد تحرك جانبي حديث ومناسب لمضايقة المملكة العربية السعودية، بل يمثل في الواقع ساحة المعركة الرئيسة في تصدير إيران لثورة آية الله الخميني، المحرك للسياسة الإيرانية كلها منذ تأسيس الجمهورية الإسلامية.
الحوثيون، الذين هم أبعد ما يكونون عن حركة محلية، هم مكون أساسي وعضوي من الثورة الإسلامية، ولطالما كانوا كذلك. وللمرة الأولى منذ عام 1979، تمكنت إيران من استنساخ نفسها بالكامل دون أن تتقيَّد بأيِّ قيودٍ ديمقراطية أو ديكتاتوريات قائمة، كما هو الحال في لبنان وسوريا والعراق وأفغانستان، وأماكن أخرى، ما جعل الحوثيين أنجح تجربة ثورية لإيران حتى الآن.