استضاف مركز صوفان ندوةً عبر الإنترنت في 29 مارس، بعنوان “المقاتلون الأجانب والمتطوعون والمرتزقة: تحليل الجهات الفاعلة من غير الدول في الصراع الأوكراني-الروسي”.
تتسبب الجهات الفاعلة، من غير الدول المنخرطة في الصراع، في ظهور مجموعة متنامية التعقيد من التحديات، تشمل قضايا قانونية وعملية وأخلاقية وإنسانية. وينبغي للحكومات أن تكون على درايةٍ بهذه الأمور، على المديين القصير والطويل، على السواء.
المتحدثون كلٌّ من دانيال بايمان، باحث أول في مركز سياسة الشرق الأوسط في معهد بروكينجز، وأستاذ في برنامج الدراسات الأمنية في كلية والش للشؤون الخارجية بجامعة جورجتاون؛ وفيرا ميرونوفا مراسلة من أوكرانيا وباحثة زائرة في جامعة هارفارد؛ ونورين شودري فينك، المديرة التنفيذية لمركز صوفان؛ وستيفاني فوجيت، باحثة مقيمة في مركز صوفان؛ وكولن كلارك، باحث أول في مركز صوفان، الذي أدار الحوار.
قدمت فيرا ميرونوفا لمحة عامة مهمة عن هذه القضية من أرض الواقع. ووصفت بعض المكونات الرئيسة داخل الجماعات المقاتلة الأجنبية التي تقاتل من أجل روسيا وأوكرانيا. وثمة نقطة مثيرة للاهتمام بشكلٍ خاص تتعلق بالوحدات الشيشانية، فهناك قوات شيشانية على كلا الجانبين. في حالة أولئك الذين يقاتلون مع أوكرانيا، هناك جماعات علمانية قومية، وذات توجه ديني، على حد سواء.
ومع ذلك، فإن التمييز الأكثر استخدامًا بشأن المقاتلين الأجانب على الأرض هو بين أولئك الذين لديهم خبرة سابقة، والأفراد الذين ليس لديهم أي تدريب عسكري. غالبية الأشخاص الذين لديهم خبرة سابقة هم من الناطقين بالروسية، وغالبًا ما يكونون بيلاروسيين وجورجيين. ونظرًا لخبرتهم، فإنهم عادة ما يكونون على خط المواجهة ضد القوات الأوكرانية.
أما غالبية الغربيين فلديهم خبرة أكثر محدودية. وغالبًا ما يوجدون بالقرب من الحدود مع بولندا، بعيدًا عن خط المواجهة، وغالبًا ما يقدمون العون والمساعدة بشكلٍ فردي دون الانخراط في القتال. هذا هو الحال مع الأوروبيين الغربيين. ووفقا لميرونوفا من منظور التواصل والعلاقات العامة، فإن وجودهم رائع بلا شك بالنسبة لأوكرانيا، في حين أنهم من وجهة نظر عسكرية لا يمثلون تغييرًا في قواعد اللعبة، وسيستغرق الأمر شهورًا لتدريبهم. ونظرًا للأعداد الغفيرة من المقاتلين الأجانب، فإن هناك صراعات داخلية تدور بينهم بالفعل.
من جانبه، يسلّط دان بايمان، الخبير في حركات تفوق العرق الأبيض، الضوءَ على أن جزءًا صغيرًا نسبيًا فقط من المقاتلين في هذا الصراع لديهم صلات بتفوق البيض. ومع ذلك، فلا يزال جزء صغير من عددٍ كبير جدًا مثيرًا للقلق.
هناك جملة من القضايا المتعلقة بذلك. ففي بعض الأحيان يختلط الأفراد الذين يأتون لسببٍ ما، وربما لسبب مفهوم، بمجرد وصولهم إلى منطقة الصراع مع أشخاص لديهم أجندات مختلفة تمامًا، وروابط مع منظمات عنيفة، وأيديولوجيات تفوق البيض.
يمكن أن يؤدي هذا الاختلاط إلى إنشاء شبكات تجعل هؤلاء الأفراد أكثر قدرة على القيام بأعمالٍ عنيفة، وهو ما يصبح أكثر سهولة لأنهم في الوقت نفسه يتلقون التدريب، ويتعرضون لوحشية الحرب.
علاوة على ذلك، فإن حاجتهم إلى البقاء على قيد الحياة قد تجعلهم أكثر عنفًا وفق نوع من العملية الداروينية التي قد يكون لها تداعيات عدة، خاصة على صحتهم العقلية، وهو جانب لا يحظى بالاهتمام الكافي أثناء الصراعات وبعدها.
تشير نورين تشودري فينك إلى أنه من الجيد دائمًا الإشارة إلى بعض التحديات الاستباقية عندما نكون في المراحل المبكرة من الصراع. فلقد أظهرت تجربتنا الأخيرة مع المقاتلين الأجانب مع الجهاديين في سوريا والعراق أن تحديد ماهية الإرهاب ومن يمكن مقاضاته أمرٌ معقد، وما يزال. وهناك دوافع متغيرة للقتال، وعدم وضوح حيث يتداخل الصراع والإرهاب. وفي ظل عدم وضوح الإطار القانوني، يمكن للجانبين التلاعب بحالة عدم الوضوح هذه.
ورغم أن الأمر في حالة الصراع في أوكرانيا، لا يتعلق بظاهرة وجود مقاتلين إرهابيين أجانب، فإن التحدي الأكبر يتمثل في ما يجب القيام به عندما يعود المقاتلون إلى بلدانهم الأصلية: فقد يعانون خيبة الأمل، وربما يصبحون دعاة متشددين للعنف، وقد يحتاجون إلى إعادة الإدماج والدعم القانوني.
ويتعين على الدول أن تتأكد من تسجيل الأشخاص عند مغادرتهم؛ فهذه هي الخطوة الأولى التي يسهل إدارتها. ثانيًا، ينبغي للحكومات الغربية استكشاف فرص استغلال برامج إعادة التأهيل وإعادة الإدماج القائمة، والأهم من ذلك، توضيح ما هو قانوني وما هو غير قانوني للمواطنين.
تذكرنا ستيفاني فوجيت؛ الخبيرة في الأنشطة والروايات اليمينية المتطرفة على الإنترنت، بأن اليمين المتطرف الدولي ليس متجانسًا، وبالتالي فإن ردود فعلهم على الحرب في أوكرانيا متباينة.
البعض يقف مع روسيا، والبعض الآخر مع أوكرانيا، وتحديدًا مع العناصر اليمينية المتطرفة في أوكرانيا. وهناك مجموعة أخرى تتبنى رواية مفادها أن قتال السكان البيض لبعضهم بعضًا لا يخدم قضية تفوق البيض. غير أن القاسم المشترك بين كل هذه الجماعات هو الكم الهائل الذي تضمره من معاداة السامية.
عند الحديث عن روايات تفوق العرق الأبيض على الإنترنت، فإننا عادة ما نميل إلى التركيز على الكراهية والعنف والغضب، التي تلعب -بلا شك- دورًا مهمًا. أما العناصر الأخرى فيتم تجاهلها إلى حدٍّ كبير، على الرغم من أنها مهمة للغاية لفهم هذه الحركات.
هذا هو الحال، على سبيل المثال، مع ديناميات النوع الاجتماعي، حيث هناك الكثير الذي يمكننا تعلمه منها. فهناك محتوى ضخم مناهض لمجتمع المثليين في هذا الصراع. إذ غالبًا ما يتبنون خطاب بوتين الذكوري، والمتحيز جنسيًا، وغالبًا ما يعقدون مقارنة بين الجنود الروس الذين يتسمون بالقوة والرجولة، والرجال الغربيين الذين يتسمون بالضعف، و”الذين يهتمون بمشاعرهم”. وهذا التنوع والشمول، وفقًا لهذه الرواية، هو ما يتسبب في تدمير الجيوش الأمريكية والغربية.
بشكلٍ عام، تشترك هذه الجماعات في الهوس بالذكورة، وبالأمجاد، والتقاليد، والإهانات الحالية التي يجب محوها. وفقًا لكل هذه الروايات، يصبح “المستقبل خلفنا”.