رونالد ساندي
في أعقاب قرار الحكومة الصومالية حل برنامج الإمارات العربية المتحدة لتدريب بعض قواتها، تساءل المحللون فيما إذا كان الأمر يمثل امتدادًا للنزاع في الخليج، الذي تنخرط فيه قطر، إلى القرن الإفريقي، أم لا.
تعود المغامرات القطرية في الصومال إلى منتصف التسعينيات، عندما أطلقت الجمعيات الخيرية القطرية برنامج مساعدات لدعم مشاريع “الإصلاح”، وجماعة الإخوان المسلمين الصومالية. وقد كان التركيز على مدارس “الإصلاح” والمؤسسات التعليمية. وبرغم محدودية النطاق، عملت الدوحة على بناء جسر في القرن الإفريقي.
ووفقًا لأجهزة استخبارية أوروبية، فإن ميليشيا “الاتحاد الإسلامي”، المنظمة الرائدة للجماعات الصومالية المتشددة اليوم، تلقت بعد هجمات 11 سبتمبر/أيلول كميات قليلة من الأسلحة والدعم المادي والتمويل من مختلف الأفراد والبلدان. وقد كانت قطر واحدة من أولئك الداعمين.
وبحلول عام 2006، انخرطت قطر بعمق في السياسية الصومالية، وبشكل مباشر مع قيادة “اتحاد المحاكم الإسلامية”، واستخدمت تأثيرها في الولايات المتحدة لضمان قبول واشنطن انتخاب زعيم الاتحاد شيخ شريف أحمد رئيسًا للصومال.
وفي ذلك الوقت، تركزت الخطة القطرية على التوفيق ما بين اتحاد المحاكم الإسلامية وحركة الشباب، إلا أن الخطة لم تناسب الحكومة الأمريكية وشيخ شريف أحمد على حدٍ سواء. فقد أوضح أحمد اعتراضاته خلال اجتماع مع جوني كارسون، مساعد وزير الخارجية للشؤون الإفريقية آنذاك. وبحسب برقية أمريكية، “ألقى شريف اللوم على بعض الحكومات، بما فيها قطر، إزاء تقديم المساعدات المالية لحركة الشباب، واتهم إريتريا بنقل تلك الأموال، إلى جانب أسلحة، إلى حركة الشباب”.
وفي عام 2009، انتشرت شائعات تفيد بأن رجل جماعة الاتحاد الإسلامي، ومساعد القاعدة، حسن عويس ظاهر، مرتبط بقطر. وخلال مؤتمر للمانحين في بروكسل عام 2009، قال أعضاء الوفد الأمريكي إن “قطر دعمت معارضة شيخ حسن ظاهر للحكومة الصومالية من خلال إريتريا”.
وبعد أسبوع، دعا وزير الدولة القطري للشؤون الخارجية أحمد المحمود، السفير الأمريكي في الدوحة إلى اجتماع لتوضيح موقف قطر من ظاهر. ووفقًا للمحمود، فإن التأكيدات حول ظاهر من قِبل الوفد الأمريكي في بروكسل كانت خاطئة.
في الحقيقة، زعم المحمود أن قطر دعمت بشكل كامل شيخ شريف أحمد، الرئيس الصومالي الجديد. وأضاف أن قطر تلقت طلبًا للتوسط مع ظاهر، لكنها لم تتخذ قرارًا في ذلك الوقت. فردّ السفير الأمريكي بالقول إنه “سينقل التوضيح القطري إلى واشنطن”. وأكد السفير الأمريكي كذلك بأن المحمود يدرك بأن ظاهر كان على “قائمة الإرهاب” الأمريكية. ولكن في الوقت ذاته، أعربت السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة آنذاك، سوزان رايس، عن “مخاوف أمريكية إزاء دور قطر في تمويل المتمردين في الصومال عبر إريتريا”.
وفي عام 2012، دعمت قطر حسن شيخ محمود في سعيه نحو الرئاسة. ولكن، حاله حال شيخ شريف أحمد، لم يكن الرئيس الجديد متوافقًا مع المصالح الإستراتيجية لقطر في الصومال. ولذلك كان على قطر أن تعيد التفكير من جديد بنهجها في البلاد.
وقد جرى إسناد مهمة إيجاد رئيس يمتثل للأجندة القطرية إلى فهد ياسين، مراسل الجزيرة في الصومال، الذي تلقى تدريبًا استخباراتيًا في قطر. تلقى ياسين تعليمه في جامعة الإيمان في اليمن، التي أسسها عبد المجيد الزندادي، المدرج على قائمة الإرهاب الأمريكية. وقد كان ياسين كذلك مقربًا جدًا من “الشباب والإصلاح”.
وبأموال قطر، أصبح ياسين مشغّلًا سياسيًا ماهرًا يتعلم من أخطائه السابقة، وتمكن من عزل الرئيس الجديد محمد عبد الله فرماجو عن فريق حملته الانتخابية، وأصبح حارس بوابة الرئيس. وبعد ذلك بوقت قصير، أصبح ياسين رئيس هيئة الأركان الرئاسية، وهو الآن يدير البلاد وفقًا لرغبات مموليه.
يدير ياسين حاليًا مخططًا لتجنيد صوماليين من فئة الشباب، مع خطة للتدريب العسكري في قطر. وهنالك المئات من الشباب يتوقون للانضمام والتسجيل ليصبحوا “الفيالق الأجنبية” للجيش القطري. في الحقيقة، لدى ياسين يد في الإطاحة بالرؤساء الإقليميين لولاية هيرشابيلي وإقليم غلمدوغ ومنطقة الجنوب الغربي، الذين قطعوا العلاقات مع قطر. وقد أدى هذا أيضًا إلى توبيخ شديد من قِبل الفيلا الرئاسية الموالية لقطر في مقديشو.
في الحقيقة، يمكن أن يعزى التراجع الأخير في العلاقات بين الإمارات العربية المتحدة والصومال بشكل مباشر إلى فهد ياسين ومموليه في الدوحة.
وبرغم علاقات قطر بالمتشددين، إلا أن الدوحة لم تسلم من الإرهابيين. ففي مايو/أيار عام 2013، تعرض موكب قطري في مقديشو إلى هجوم من قبل سيارة انتحارية، مما أسفر عن مقتل عدد من الأشخاص في الموكب. وبرغم عدم تأكيدها، تقول دوائر مطلعة إن رئيس جهاز المخابرات القطري كان المستهدف في الهجوم. وبالإضافة إلى ذلك، تعرضت السفارة القطرية لهجوم من قبل شاحنة كبيرة محملة بقنابل في أكتوبر/تشرين الأول 2017.
النص كاملًا متوفر باللغة الإنجليزية هنا