نُشر هذا الكتاب «الرايات السود: ملاحقة القاعدة من الداخل» للمرة الأولى في عام 2011، ووقتها تم تنقيح أجزاء من النص واعتبرت سرية، ولم تنشر. لكن مؤخرًا تم رفع السرية عن هذه التنقيحات، بعد مراجعةٍ من قبل وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه)، جهاز الاستخبارات الخارجية الأمريكي، الذي دخل معه المؤلف في خلافٍ بيروقراطي مرير خلال فترة ما بعد 11 سبتمبر مباشرة، والذي انتقده بقوة في كتاباته منذ تركه العمل في الحكومة الأمريكية، ومن ثم أُعيد نشر الكتاب مجددًا.
هذه النسخةُ تعيد للكتاب وضعه باعتباره سردًا لا يقدَّر بثمنٍ لما يُسمَّى بالحرب العالمية على الإرهاب، على لسان العالمين ببواطن الأمور. تتضمن هذه النسخةُ التي رُفعت عنها السرية تفاصيلَ حاسمة عن استخدام ما يعتبره تعذيبًا ضد المشتبه في أنهم إرهابيون. يستخدم علي صوفان، الأمريكي اللبناني، العميل السابق في مكتب التحقيقات الفيدرالي، خبرته الواسعة لكشف إخفاقات برنامج الحكومة الأمريكية في استخدامِ أساليب الاستجواب المعززة للحصول على معلوماتٍ من الإرهابيين الأسرى، والتشكيك في جدوى التعذيب بشكل عام.
تتضمن النسخة التي رفعت عنها السرية بعنوان: «الرايات السود: كيف أخرج التعذيبُ الحربَ على الإرهاب عن مسارها بعد 11 سبتمبر؟» مقدمةً جديدة من صوفان، تتناول أهمية قرار وكالة الاستخبارات المركزية برفع السرية عن التنقيحات، والمواقف من التعذيب في بيئاتِ مكافحة الإرهاب المعاصرة.
لقد أكدتِ المعاهدات الدولية والحكوماتُ الغربية حظرَ التعذيب مرارًا وتكرارًا. ولكن كما يشير صوفان، سيكون من الحماقة افتراض أن المسألة تقتصر على الماضي: فأغلبيةُ الحكومات القائمة في جميعِ أنحاء العالم تستخدم التعذيبَ بشكلٍ روتيني، وتُبذل جهود سياسية دورية لإحياء أساليب الاستجواب المعززة. وفي هذا الصدد يقول المؤلف:
بدايةً من عام 2002، شهدت تنفيذ الحكومة الأمريكية لأساليب الاستجواب التي تتناسب أكثر مع الديكتاتوريات الاستبدادية: مثل الحرمان من النوم، والتعرية القسرية، ودرجات الحرارة المتجمدة، والحبس فيما يشبه التوابيت، وبالطبع الإيهام بالغرق. لم أكن متعاطفًا كثيرًا مع أولئك الذين تعرضوا لأساليب التعذيب هذه، فقد كانوا في الغالب إرهابيين متشددين مسؤولين عن مقتل عشرات أو مئات أو حتى آلاف الأبرياء. غير أن هناك أمرين أزعجاني. على المستوى الأخلاقي، نحن لا نفعل مثل هذه الأشياء في أمريكا، لأننا يجب أن نكون أفضل من أعدائنا. وعلى المستوى العملي، من الواضح أن هذه الأساليب لم تنجح. لقد رأيت كثيرًا أشخاصًا متعاونين، لكنهم يلتزمون الصمت تحت التعذيب.
تسرد القصة مباشرة من خلال ما رآه صوفان وخبره بنفسه، ويستخدم المؤلف الحوار حيثما أمكن للسماح للقراء بتجربة المواقف كما حدثت. هذه المزايا لا تجعل كتابًا غنيًّا بالمعلومات فحسب، بل شيقٌ للغاية أيضًا.
فيما يتعلق ببنية الكتاب، فإنه ينقسم إلى ثمانية فصول.
يروي الفصل الأول، “السنوات الأولى”، بداية حياة صوفان المهنية داخل مكتب التحقيقات الفيدرالي، وكيف بدأ في متابعة تصريحاتِ أسامة بن لادن بجدية أكبر، وكلها مقترنة بمعرفة قوية مذهلة بتاريخ وأصول التيارات الجهادية، والسلفية، والوهابية، والتكفيرية.
يركز الفصل الثاني، “إعلان الحرب”، على المرحلة التي بدأت في منتصف التسعينيات، عندما كانت خلايا القاعدة المختلفة أكثر تنظيمًا وترابطًا.
لقد صمِّم هيكلُ تنظيم القاعدة بحيث كانت خلايا مختلفة مسؤولة عن أجزاء مختلفة من العملية. وفي كثيرٍ من الأحيان، تقوم خلية بإنشاء شركاتٍ واجهة في بلد ما، وتتولى خلية أخرى مراقبة الأهداف، فيما يُسند لخلية ثالثة مهمة تنفيذ الهجوم، وتُكلف رابعة بطمس الأدلة. وقد ساعد هذا الفصل بين المهام المختلفة على ضمان تأمين بقية العناصر، إذا ما تعرضت إحدى الخلايا للخطر.
هذا التنظيم هو الذي نفَّذ الهجمات على سفارتي الولايات المتحدة في نيروبي ودار السلام في أغسطس 1998، ما أسفر عن مقتل أكثر من 200 شخص، وهي اللحظة التي “وصل” فيها تنظيم القاعدة إلى الساحة الدولية.
خلال تلك السنوات، ركز بن لادن على إعادة تشكيل تنظيم القاعدة. وفي السودان، عملتِ الجماعةُ في المقام الأول كراعيةٍ للإرهاب من خلال مؤسسات بن لادن التجارية. ثم عكف بن لادن، على وجه التحديد، وبالتفصيل، على بناء تنظيم القاعدة ليصبح منظمة إرهابية دولية تشنُّ هجماتٍ باسمها. وأقام شبكة من المنازل الآمنة، ومعسكرات التدريب، في جميع أنحاء باكستان وأفغانستان، واكتسبتِ الجماعةُ هيكلًا أكثر تعقيدًا، وأصبح أفضل تنظيمًا.
في الوقتِ نفسه، حاول بن لادن استخدام جماعات غير تابعةٍ لتنظيم القاعدة لتعزيز أهدافه. واعترف بأن الهدف المعلن للقاعدة المتمثل في طرد الكفار من شبه الجزيرة العربية لا يروق كثيرًا للعديد من الإرهابيين المحتملين الذين يتدفقون إلى أفغانستان للتدريب. لم تهتم العديد من الجماعات الإسلامية التي أرسلت مقاتليها إلى هناك -مثل تلك التي أرسلت من ليبيا والمغرب والجزائر- بأمريكا. وكان تركيزهم على العدوِّ المباشر: حكوماتهم في الوطن، التي اتهموها بأنها ليست إسلامية بما فيه الكفاية.
يتناول الفصل الثالث، “يو إس إس كول”، في إشارةٍ إلى السفينة الحربية الأمريكية التي كانت هدفًا لآخر هجومٍ كبير للقاعدة قبل 11 سبتمبر، تطورات هيكل القاعدة وعمليتها في أواخر التسعينيات، ويقدِّم بعض الأفكار الجيدة حول ديناميات السلطة داخل التنظيم:
في تنظيمِ القاعدة، تولى المصريون العديدَ من المناصب العليا: فقد ترأسوا معظم معسكرات التدريب، وكانوا في مواقع أخرى للسلطة أيضًا، وكانوا يميلون إلى إعطاء الأوامرِ لعرب الخليج. كان سبعة مصريين من بين أعضاء مجلس الشورى التسعة ورؤساء مختلف اللجان في القاعدة، بخلاف بن لادن نفسه، وأبو حفص الموريتاني، كانوا جميعًا من المصريين. وامتد هذا إلى الترفيه: فعندما كان أعضاء القاعدة يلعبون كرة القدم يوم الجمعة، كانت الفرق عادة تتكون من المصريين ضد السعوديين واليمنيين (وكل شخص آخر).
يقدم هذا الجزء، من خلال روايات صوفان الشخصية، وصفًا مفصلًا لعمليات القاعدة في مناطق مختلفة، من اليمن إلى ماليزيا.
الفصل الرابع، “الهجوم الذي غيَّر العالم”، هو الفصل الحاسم، الذي يتناول التحضير لهجمات 11 سبتمبر وتنفيذها:
قرَّر الرجال الأربعة [المتعلمين في الغرب] [محمد عطا، ورمزي بن الشيبة، ومروان الشحي، وزياد جراح] في البداية السفر [من ألمانيا] إلى الشيشان للجهاد، لكنهم نُصحوا بالذهاب إلى أفغانستان، بدلًا من ذلك بسبب صعوبات التنقل في الشيشان. ومن أجلِ تنفيذ هذه الخطة، اجتمعوا مع محمد ولد صلاحي، أحد أقارب أبو حفص الموريتاني. ترأس صلاحي، عضو مجلس شورى القاعدة، اللجنة الدينية. وطلب من الرجال الأربعة الحصول على تأشيرات دخول الى باكستان، وأفضل السبل للمضي قدمًا إلى كراتشي. ومن باكستان، أخذهم عناصر من تنظيم القاعدة إلى أفغانستان، حيث التقوا بن لادن. بعد الخضوع لبعض التلقين، تعهدوا بالبيعة [الولاء] له.
وقد احتفل بن لادن وخالد شيخ محمد، المخطط العملياتي لهجمات 11 سبتمبر، وقادة آخرون من تنظيم القاعدة يعملون على تطوير [ما أطلق عليه تنظيم القاعدة] عملية الطائرات، بوصولهم. وهكذا تواجد الرجال الأربعة الذين كانوا مثاليين لتنفيذ تلك المؤامرة. وبما أنهم كانوا متمركزين في ألمانيا، سيكون من السهل عليهم الحصول على تأشيرات دخول إلى الولايات المتحدة من العناصر المقيمة في أفغانستان أو باكستان. ومستويات تعليمهم تعني أنهم ربما كانوا أذكياء بما فيه الكفاية للتأهل للتدرب كطيارين.
عُرضت المهمة عليهم، وقبلوها. كانت هذه هي الفرصة المثالية لشنِّ الجهاد في نهاية المطاف، ونيل شرف تسميتهم أعظم المجاهدين. وقد شجع قادة القاعدة هذا التفكير، معززين فكرة أن الشهداء سيكافأون باثنين وسبعين حورية في الجنة، وسيتم الاحتفال بهم كأبطالٍ في جميع أنحاء العالم الإسلامي. وتم إلحاقهم بفرع العمليات الخاصة في تنظيم القاعدة. وبقيادة رئيس اللجنة العسكرية، أبو حفص المصري (واسمه الحقيقي محمد عاطف)، ورئيس اللجنة الأمنية سيف العدل، فإن الفرع نفسه لديه خلايا فردية، تعمل كل منها بشكلٍ منفصل عن الأخرى لأسبابٍ أمنية.
يصف الفصل تدريب المهاجمين المختلفين وتحركاتهم. غير أن الأمر الأكثر إثارة للاهتمام هو أن المؤلف يوضح أنه عندما نشرت لجنة 11 سبتمبر النتائج التي توصلت إليها، فقد أكدت تحقيقاتها كل ما قاله، لا سيما بشأن بعض “الفرص العملياتية” الضائعة الحاسمة.
أما الفصل الخامس، “نظام عالمي جديد”، فيتناول آثار هذا الهجوم الرهيب. وبعد أن رفضت طالبان الإنذار الأمريكي بالتوقف عن إيواء تنظيم القاعدة، في 7 أكتوبر 2001، شنَّ الجيش الأمريكي عملية “الحرية الدائمة” في أفغانستان. وبدعمٍ من الغطاء الجوي الأمريكي، وقوات العمليات الخاصة، تحركت المقاومة الأفغانية المناهضة لطالبان، “التحالف الشمالي”، باتجاه الجنوب انطلاقًا من المنطقة الصغيرة التي كانت تسيطر عليها في أفغانستان.
وبمجرد بدء الغزو، ظلَّ بن لادن والوفد المرافق له يتنقلون باستمرار، ويسافرون بين كابول وجلال أباد، وهي مناطق كان بن لادن على درايةٍ بها، بعد أن عاش وسافر في المنطقة منذ الجهاد ضد الاتحاد السوفييتي في الثمانينيات. وسرعان ما أعاد تنظيم القاعدة، من أجل الهروب من التحالف، تجميع صفوفه في المناطق القبلية في باكستان وإيران، وهي دولة لا تحظى علاقاتها مع تنظيم القاعدة باهتمامٍ كبير في الكتاب.
أجبر الهجوم والغزو اللاحق لأفغانستان تنظيم القاعدة على إعادة تشكيل نفسه. ويوضح المؤلف أنه قبل 11 سبتمبر، كان للشبكة هيكل قيادة وسيطرة مركزي للغاية، وملاذ إقليمي محدد.
بعد أن ردتِ الولايات المتحدة على هجمات 11 سبتمبر بشكل حاسم، وفكَّكت بشكلٍ فعّال ما كان يُعتبر آنذاك “مركز ثقل” تنظيم القاعدة، تكيّفت الشبكة الإرهابية مع الوضع الجديد. وبدلًا من القيادة المركزية والسيطرة التي كانت تمثل سمتها المميزة، أصبحت “المحفز الرئيس” أكثر من كونها “المنفذ الرئيس” للعمليات، وهي الخطوة التي ساعدت على تحفيز التجنيد عبر الإنترنت والإرهاب المحلي.
تحوّل تركيز الشبكة الإرهابية لاستغلالِ الصراعات الإقليمية والمحلية والقبلية والطائفية، من أجل تعزيز مصالحها. كما أنها “منحت رخصة” الحصول على اسم تنظيم القاعدة للجماعات الإرهابية الأخرى، وشجعتها في أماكن مثل شمال إفريقيا، وجنوب شرق آسيا، وأجزاء من الشرق الأوسط (وفي وقتٍ لاحق، وعلى وجه الخصوص العراق) على العمل تحت راية القاعدة.
في عام 2004، أصدرت القاعدة قائمة بثمانية عشر هجومًا زعمت أنها نجحت في شنِّها ضد الولايات المتحدة. ومن بين الهجمات المدرجة في القائمة، كان سبعة عشر منها معروفة لدى الحكومة الأمريكية. ومن المؤكد أن التهديد الأكبر داخل المجتمع الجهادي قد حوّل تركيز المعركة من “العدو القريب” إلى “العدو البعيد”.
يتحدث الفصل السادس، “أول معتقل مهم”، عن اعتقال أبو زبيدة ودوره، الذي سيساعد علي صوفان في استجوابه. تجدر الإشارة إلى أن مكتب التحقيقات الفيدرالي كان يبحث عن أبو زبيدة منذ فترة، الذي كان مطلوبًا في الأصل لصلته بمحاولة أحمد رسام تفجير مطار لوس أنجلوس الدولي ليلة رأس السنة 1999 والنهاية لما يُعرف باسم “مؤامرة الألفية”.
ويوضح المؤلف أنه على الرغم من أن أبو زبيدة لم يكن عضوًا في القاعدة، إلا أن دوره كأمير خارجي لمعسكر تدريب “خالدان” كان ذا أهمية كبيرة. وكان كبار أعضاء القاعدة، مثل خالد شيخ محمد، يلجأون بانتظام إلى أبو زبيدة للحصول على المساعدة في جوازات السفر والتنقل. وفي المقابل، وفر تنظيم القاعدة الحماية لأبو زبيدة في أماكن أخرى من أفغانستان، وكثيرًا ما كان يقيم في بيوت الضيافة الخاصة بهم.
عندما رأى المؤلف أبو زبيدة، “كان وجهه مغطى بكيس، وهو إجراء عادي عند نقل الإرهابيين. كان يتحرك بالكاد. وكانت الضمادات تغطي أجزاء من جسده، وفي أماكن أخرى كان مصابًا بجروحٍ وكدمات. لقد كان في حالة حرجة. وكانت يداه مقيدتين بالأصفاد في النقالة التي تحمله”. تصف الصفحات التالية الاستجواب اللاحق لأبو زبيدة، وعملية بناء الثقة وحمله على التعاون مع المحققين.
يُعتبر هذا الفصل أيضًا واحدًا من الفصول التي تخوض بشكلٍ معمق في قضية أساليب الاستجواب المعززة، حيث يعرض صوفان هذه الحالة بشكل مفصل لتبيان عدم جدوى هذه الأساليب.
وفي هذا الصدد، يقول المؤلف:
لا تؤدِّي أساليب الاستجواب القاسية إلى تعزيز ما كان الإرهابي مستعدًا لتوقعه إذا ألقي القبض عليه فحسب، بل تعطيه شعورًا أكبر بالسيطرة والقدرة على التنبؤ بما سيتعرض له، وتعزز قدرته على المقاومة. وعلى النقيضِ من ذلك، فإن استراتيجية الاستجواب التي استخدمناها أنا وستيفن -الحوار مع الإرهابي والتفوق عليه- تربكه وتقوده إلى التعاون. فن الحوار والاستجواب علم، علم سلوكي، وقد نجحنا في ذلك على وجه التحديد؛ لأننا استخدمنا هذا العلم.
يتناول الفصل السابع، “نجاحات وإخفاقات”، معتقل جوانتانامو، حيث وصل المؤلف في فبراير 2002، عندما كانت الولايات المتحدة قد بدأت لتوها في إحضار المحتجزين الذين اعتقلوا في أفغانستان إلى مركز الاحتجاز. ووفقًا لصوفان، كان هناك العديد من النجاحات الأولية -والكثير من الإحباطات- في معتقل جوانتانامو.
المشكلة، كما يقول صوفان، هي أنه لم تكن هناك خطة، ولم تكن هناك “قواعد اشتباك” للوصول إلى الهدف:
بدأ المحققون المحنّكون يتصرفون كما يقول الكتاب، ولكن سرعان ما تلقوا أوامر مخالفة من القيادات الأعلى.
كما كانت هناك سلسلة من الخلافات بين المحققين ذوي الخبرة والمبتدئين، حول كيفية إجراء الاستجوابات. المشكلة هي أنه بعد 11 سبتمبر، قام الجيش الأمريكي، والكيانات الحكومية الأخرى، بسرعة بتوسيع فرقهم التي تعاملت مع الإرهاب ووضعوا أشخاصًا في مواقع لم يكن لديها التدريب أو الخبرة الكافية لشغلها. لقد وظفوا أشخاصًا في معتقل جوانتانامو بعد تلقي دورة تدريبية استمرت ستة أسابيع فقط، دون أن يقوموا بإجراء استجوابٍ حقيقي، ناهيك عن استجواب إرهابيي القاعدة.
كانت معرفتهم بالقاعدة ضعيفة، وتستند إلى حدٍّ كبير إلى الروايات الإعلامية، والمؤتمرات الصحفية. عندما بدأ هؤلاء المحققون عديمو الخبرة في إجراء الاستجوابات، لم يحققوا الكثير من النجاح، وبدأوا في تجربة أساليب مختلفة للحصول على المعلومات. وكانوا يتعرضون لضغوطٍ من مسؤولين في واشنطن “لتحقيق نتائج”.
قلت له: “أنا أمارس معهم ألعابًا ذهنية، ألعب على مفاهيمهم عن الاحترام والكرامة. عندما أعاملهم بشكل جيد، يشعرون أن عليهم أن يكونوا مهذبين ومتجاوبين، وفي المقابل أحصل على المعلومات التي أحتاجها. لذا، سأكون لطيفًا”.
وختامًا، يصف الفصل الثامن، “المهام الأخيرة”، أي خبرة المؤلف المكثفة كعميل سري.
وإجمالًا، يمثِّل الكتابُ مصدرًا ثمينًا للمعلومات الأساسية، مهما كانت متحيزة أو مقدَّمة من جانبٍ واحد، وفي الوقتِ نفسه، يمثل مَعلَمًا أخلاقيًا واستراتيجيًا للعاملين في مجال مكافحة الإرهاب، وصانعي القرار، والممارسين، والجمهور بشكلٍ عام.