“عين أوروبية على التطرف”
«الجهاد في الفناء الخلفي» هو كتابٌ لا غنى عنه لعامة الناس والآباء الذين يرغبون في معرفة المزيد عن عمليات التطرف، وكيفية اكتشاف المؤشرات التحذيرية على تحوُّل الأفراد للتطرف. تتمتع فاليري جرينفيلد؛ مؤلفة الكتاب، بخبرة كبيرة في مجالات الدفاع والأمن المادي والسيبراني والاستراتيجية السياسية والبحوث والاتصالات، ولديها خبرة قوية في السياسة الخارجية للولايات المتحدة تجاه الشرق الأوسط، وقضايا مكافحة الإرهاب.
الكتاب ليس موجهًا للخبراء في هذه المجالات فقط، ولكن للقراء غير المتخصصين أيضًا. فهو يجمع عددًا كبيرًا من دراسات الحالات المتنوعة لعمليات التطرف -في الولايات المتحدة على سبيل المثال لا الحصر- مع النصائح العملية. ويحتوي كل فصل على قصص حقيقية، وينتهي بقائمةٍ من الخطوات التي يجب اتخاذها فيما يتعلق بالديناميات التي تنطوي عليها تلك القصة، وذلك الفصل.
خطوات عملية مقترحة
«الجهاد في الفناء الخلفي»؛ هو كتاب قصير لكنه غني بالتفاصيل، ويمتاز بأسلوبه الانسيابي الذي تثريه الأطرُ النظرية المناسبة والرؤى المستقاة من كبار الخبراء في مجالي الإرهاب والتطرف. الميزة الأكثر وضوحًا في كتاب جرينفيلد هي الخطوات السهلة والعملية التي يمكن أن يتخذها المرء إذا بدأ يلاحظ مؤشرات على تحوُّل شابٍ ما للتطرف.
يعتبر الكتاب حزمة أولية من النصائح لتثقيف الآباء والمجتمعات حول كيفية حدوث التطرف على أرض الواقع أو عبر الإنترنت. وتقدم الكاتبة مقترحات عدّة مثل: ضرورة أن يكون لدى الآباء وعي بأصدقاء أطفالهم وأنشطتهم، والحفاظ على ارتباطهم العاطفي بالأسرة، وعدم التراخي أو الاستسلام لشعورٍ زائف بالأمن. علاوة على ذلك، ترى أنه ينبغي أن يتحلى الآباء بالوعي والواقعية، وأن يعلموا أبناءَهم المسؤولية والتسلح بالشجاعة والمرونة في مواجهة الفشل.
فهم الفروق الدقيقة للتطرف
تركِّز الكاتبة في جملةٍ من النصائح الأخرى بشكل أكثر وضوحًا على عمليات التطرف: مناقشة الأيديولوجيات المتطرفة، وكيفية التعرف عليها وتجنبها، وإدراك الاختلافات بين الإسلام كدين، والإسلاموية كأيديولوجيا سياسية، وإدراك أن هناك العديد من الأسباب التي تدفع الأفراد للوقوع في براثن التطرف، وأنه لا توجد طريقة معالجة واحدة تناسب جميع عمليات التطرف. كما تناقش المواضيع التي لا تحظى بحظٍ وافرٍ من النقاش مثل التنمر، والخطر المتصوّر عن الغرباء، والمتحرشين الجنسيين، وجماعات الكراهية، والانتحار، والتطرف، والإرهاب، ومقارنة أوجه التشابه بين الطوائف الدينية والنزعة الجهادية، والتعرف على مفهوم التفكير الجماعي، والعدوى، والاستقطاب، من بين أمور أخرى.
تبسيط مفرط
رغم ما سبق ذكره، تنطوي بعض فقرات الكتاب على نوعٍ ما من التبسيط المفرط. على سبيلِ المثال، تحثّ المؤلفة على “التعرف على كيفية تمويل الجماعات الإرهابية والبحث والتحقق قبل التبرع للجمعيات الخيرية”. وفي حين أن هذه الفكرة جديرة بالإعجاب بلا شك، فإن المشكلة تكمن في جدواها، نظرًا لأن هذه المهمة صعبة للغاية حتى بالنسبة لخبراء الإرهاب وسلطات إنفاذ القانون الذين يعملون في الميدان.
أما النصيحة الثانية، التي تنطوي على قدرٍ كبير من التبسيط والصعوبة في آن واحد، فهي أنه ينبغي “أن يصبح المرء مدركًا لآثار عدم الاستيعاب في الأحياء الأمريكية”. والواقع هو أنه يتعين علينا جميعاً أن ندرك أن الاستيعاب مجرد نموذج واحد -مثير للجدل للغاية- للاندماج في المجتمعاتِ المعاصرة.
الخلاصة
بشكلٍ عام، يمكن القول إن الكتاب يعتبر أداة قيّمة للآباء والمجتمعات التي تتوق إلى فهم عمليات التطرف والتجنيد، وإن كان يفتقر في بعضِ الأحيان إلى العمق التحليلي اللازم لمعالجة هذه الظواهر المعقدة.