أنهت الثورة التونسية في 14 يناير/كانون الثاني 2014 حكم نظام الرئيس زين العابدين السلطوي، وأثارت انتشار الاضطرابات والتمردات ضد الحكومات الحاكمة في معظم بلدان العالم العربي. ومنذ ذلك حين، تحركت تونس نحو الديمقراطية والاعتراف بالحريات السياسية والدينية، متجنبة الفوضى والقمع الدموي الذي شهدته دول عربية أخرى. ومع ذلك، تبقى تونس هي البلد الأول على مستوى العالم من ناحية أعداد المقاتلين الأجانب الذين ينضمون إلى صفوف تنظيم الدولة الإسلامية في مناطق الصراع. علاوة على ذلك، ظلت تونس هدفًا مهمًا للإرهابيين، لا سيما خلال الأعوام 2013 حتى 2015، بما في ذلك الهجمات على متحف باردو وفندق مرحبا سوسة.
لقد توسع الوجود الجهادي في تونس منذ انتهاء رئاسة زين العابدين بن علي. وحتى عام 2012، حاولت الحركات السلفية النمو حول مجموعة أنصار الشريعة، إذ بدأ زعيمها الكبير أبو إياد التونسي أنشطته التبشيرية باستخدام وسائل عدة شملت وسائل التواصل الاجتماعي، والمساجد، والمدارس، والجامعات، بطريقة يكسب فيها تعاطف المواطنين الغاضبين الذين خاب أملهم من الدورة الديمقراطية الجديدة في البلاد. وقد بات الرجل أكثر عدوانية بطريقة توحي بأن البلاد أصبحت “أرض الجهاد”.
لقد جرى استغلال الوضع الاقتصادي المتردي في تونس على نطاق واسع من قبل المقاتلين الجهاديين:
أولًا: السلفية العملية – بالنسبة لهذه المجموعة، فإن الديمقراطية ليست إلا إغواء، وعلى الأتباع أن يقرروا تجنب ذلك.
ثانيًا: السلفية السياسية – برغم أخطاء الحياة السياسية، تعتقد هذه المجموعة أن السياسة هي السبيل للوصول إلى شكل من أشكال الحكم والديمقراطية على أساس الشريعة الإسلامية.
ثالثًا: الجهادية السلفية – هذه الجماعة ترفض المشاركة في السياسة، وتدعم مواقف أكثر تشددًا تجاه العنف والتمرد.
أصبح الكثير من التونسيين متطرفين في الماضي القريب، بمن فيهم معارضون سياسيون بسطاء، وغيرهم ممن لم يتبعوا الفكر السلفي لكنهم تطرفوا في السجون. بينما شعر الكثير منهم بخيبة أمل وظلم ما أدى بهم إلى السقوط في شباك التطرف. من شأن الضغوط الممارسة من قبل صندوق النقد الدولي تجاه تقليص الإنفاق العام أن تؤدي إلى تفاقم وضع الكثير من التونسيين، على المدى القصير على أقل تقدير. كما أن الزيادة في التضخم، والمشاكل الأخرى التي تسببت بالثورة، لا سيما الفساد، لم يجر حلها حتى الآن، ما يعني أن التوترات الاجتماعية قد تعود إلى الواجهة من جديد.
وباختصار، يمكن القول إن الوضع الحالي، مقارنة ببداية الربيع العربي، هو أسوأ بكل تأكيد. في ذلك الوقت، كان هناك أمل بأن تؤدي الآفاق السياسية الجديدة إلى تحسين حياة التونسيين، أما الآن فتلاشت الآمال، وتزايد الإحباط وخيبة الأمل. وبالتالي، تجسّد تونس مثالًا حقيقيًا على كيفية استغلال المجموعات الجهادية المصاعب الاقتصادية والاجتماعية من أجل التغلغل في مزيد من شرائح المجتمع. ولا شك في أن التحدي الأكبر الذي يواجه تونس الآن هو القضاء على التعصب ومعالجة الاختلالات الاجتماعية الخطيرة التي برزت في البلاد.
يذكر أن أكثر من 6000 آلاف تونسي متشدد قد سافروا للقتال في سوريا في صفوف داعش مرورا بالأراضي التركية ما بين منتصف عام 2014 ونهاية عام 2015.
النص كاملًا متوفر باللغة الإنجليزية هنا