واثق واثق*
لا ينبغي لأحد أن يشعر بالصدمة جراء ما حدث خلال عطلة نهاية الأسبوع في مدينة كوليفيلي في تكساس. احتجز مالك فيصل أكرم؛ مسلم بريطاني، أربعة يهود أبرياء رهائن مطالبًا بالإفراج عن عافية صديقي، الباكستانية المحتجزة في الولايات المتحدة بتهم الإرهاب، في قضيةٍ مثيرة للجدل. لقد كانت هذه خطة منسقة بشكل جيد ولكنها لم تكن لتكلل بالنجاح أبدًا. لقي أكرم مصرعه بالرصاص في مكان الحادث، وخرج الرهائن سالمين بعدما أنقذتهم القوات الخاصة.
ببساطة لم يكن هناك احتمال لانتصار أكرم، وإطلاق سراح صديقي. ولذلك فمن المعقول أن نعتقد أن نيته الرئيسة كانت إيذاء اليهود. إما ذلك، وإما أنه صدَّق كذبة أن مثل هذه الخطة ستكون مثمرة. أعتقد أنه كلاهما. ولكن إيذاء اليهود، سواء كان ذلك من خلال أخذهم كرهائن، أو استهدافهم بالعنف الجسدي، أو نشر المؤامرات عنهم، يبدو أمرًا شائعًا في الجاليات المسلمة.
في عام 2020، عندما كانت جائحة كوفيد-19 تعصف بالعالم، قررت وزارة الصحة في جمهورية إيران الإسلامية تنظيم مسابقة أطلق عليها اسم “نحن نهزم فيروس كورونا“. كانت فرصة للمشاركين لعرض أعمالهم الفنية مع رسائل لرفع معنويات الجمهور ضد هذا المرض القاتل. ومع ذلك، استغل بعض المشاركين هذه الفرصة لانتقاد إسرائيل واليهود بشكل عشوائي. ويبدو أن بقاء هذه المشاركات المعادية للسامية في الصورة، دون الوقوف عندها يدل على مدى عمق معاداة السامية حتى على أعلى مستويات حكومة مستوحاة من الإسلام.
تذهب معاداة السامية في الشرق الأوسط إلى أبعد بكثير من مجرد المشاركات الفنية الغريبة. إنها متأصلة في المجتمع لدرجة أنها تبدو جزءًا طبيعيًا من الحياة اليومية. على سبيل المثال، أجرت رابطة مكافحة التشهير استطلاعًا للرأي في عام 2014، وجد فيه أن أغلبية الأشخاص يحملون آراء معادية للسامية. تتبع الاستطلاع مواقف 102 دولة وجاءت النتائج صارخة.
استنادًا إلى الدول التي شملها الاستطلاع، لم يسمع 35% قط عن المحرقة، ويعتقد 41% أن اليهود أكثر ولاء لإسرائيل من بلدهم. ربما كانت الإحصائية الأكثر إثارة للقلق هي أن 74% من الناس في الشرق الأوسط لديهم مواقف معادية للسامية. وكانت هذه أعلى نسبة مئوية إقليمية في العالم، حيث حققت أوروبا الشرقية أقل من نصف هذه النسبة، بنسبة 34% فقط.
لعل أحد التفسيرات المحتملة لهذه المواقف هو عدم الانخراط بين الطوائف الدينية. ومن بين 26% من الأشخاص الذين شملهم الاستطلاع، لم يلتق 70% منهم أبدًا بيهود. وما يعزز ذلك الأبحاث التي أجرتها “جمعية هنري جاكسون” التي وجدت أن المسلمين البريطانيين، الذين هم أكثر اندماجًا اجتماعيًا في مجموعات الصداقة الخاصة بهم، لديهم وجهة نظر أكثر إيجابية تجاه اليهود ودولة إسرائيل. إن كسر الحواجز حتى تكون هناك فرص أكبر لليهود والمسلمين لبناء أواصر الصداقة معًا قد يوفر بعض الأمل في الحد من حجم معاداة السامية التي يواجها اليهود.
هل سبق وأن انخرط مالك فيصل أكرم اجتماعيًا مع اليهود؟ لن نعرفَ حتى يُجرى تحقيق كامل وكشف الوقائع الحقيقية. ولكن ما نعرفه هو أن الإسلامويين لن يكون لديهم أي مشكلة في معاداة السامية.
خلال شهري مايو ويونيو 2021، وجدت إسرائيل وفلسطين نفسيهما مرة أخرى في صراعٍ عنيف. هذا الوضع الذي يبدو مستعصيًا على الحل يتردد صداه في بريطانيا. وقد وثّق “صندوق الأمن المجتمعي” ذلك من خلال إظهار كيف كانت المنظمات الإسلاموية البريطانية تستخدم الاحتجاجات خلال هذا الصراع كوسيلة لمعاداة السامية.
على سبيل المثال، وجد التقرير كيف لاحظ محمد حجاب، اليوتيوبر الإسلاموي المؤثر: “نحن لا نخشى الموت، نحن نحب الموت”، وهو ما يستدعي إلى الذهن الشعار الجهادي: “نحن نحب الموت أكثر مما تحبون الحياة”. كما يوثّق التقرير حالاتٍ أخرى من معاداة السامية، ليس فقط في بريطانيا، ولكن في جميع أنحاء العالم.
مشكلة التطرف المعادي للسامية موجودة بين أفراد الجالية المسلمة. وإنكار مثل هذه الحقيقة هو كدفن الرؤوس في الرمال على أمل إما أنها غير موجودة وإما أنك لست مضطرًا للتعامل معها. ويبدو من الواضح أنه كلما طال أمد ذلك، زاد احتمال أن يشعر هؤلاء المتطرفون المعادون للسامية بالجرأة، ويحشدون النفوذ من خلال العنف والكراهية. لدى وزيرة الداخلية بريتي باتيل فرصة للاضطلاع بهذا الأمر، ولكن ذلك لا يمكن أن يحدث إلا بدعم من الجالية المسلمة المتنوعة في بريطانيا.
يجب أن تكون الجهود الرامية إلى منع التطرف العنيف المعادي للسامية مشتركة، وليس مجرد شيء متروك للحكومة ووكالات إنفاذ القانون. لقد حان الوقت لكي تواجه الجالية المسلمة هذا الواقع وتضطلع بالمسؤولية.
*مستشار منظمة “مسلمون ضد معاداة السامية”