شهدت الجمهورية التشيكية تاريخًا طويلًا من الأحداث المأساوية الخطيرة الناجمة عن الحركات اليمينية واليسارية المتطرفة، منها الانتفاضة الألمانية السوديتية عام 1938، والاحتلال النازي اللاحق للبلاد، واستيلاء الشيوعيين على الحكم بعد الحرب، وموجة العنف التي قام بها متطرفون يمينيون عام 1990 وراح ضحيتها العشرات.
لا تزال الحكومة التشيكية تواجه الكثير من التحديات الهامة في مجال التطرف ومكافحته، فمع التراجع الذي طرأ على الأشكال التقليدية للتطرف اليميني واليساري في السنوات الأخيرة، برز التطرف الإسلامي العنيف لدى أجزاء واسعة من المجتمع.
من المؤكد أن التطرف اليميني قد أدى إلى وقوع أكبر معدلات عنف في التشيك في فترة ما بعد الشيوعية، إلا أن مستوى العنف البدني المباشر قد انخفض بشكل كبير في العقد الثاني من الألفية الجديدة، مقارنة مع التسعينيات والعقد الأول من الألفية. خلال هذين العقدين، هاجمت عصابات من حليقي الرأس العنصريين سياسيين ومجموعة أخرى من أعدائهم العنصريين، وقتلوا نحو 30 شخصًا معظمهم من الغجر والمهاجرين.
التطرف التشيكي ضد الغجر
نظم النازيون الجدد في الجمهورية بين عامي 2009 و2013 موجة من أعمال الشغب المناهضة للغجر، لتقوم الشرطة بحماية مستوطنات الغجر ضد الحشود العنيفة التي شارك فيها الكثير من المواطنين المحليين، إذ وقع عدد من الهجمات المتعمدة ضد منازل الغجر في تلك الفترة.
على سبيل المثال، هاجمت مجموعة مكونة من 4 أشخاص من النازيين الجدد في نيسان/أبريل 2009 منزلًا تسكنه عائلة من الغجر في بلدة فيتكوف بزجاجات المولوتوف، ما أدى إلى إصابة طفلة من الغجر تبلغ سنتين بحروق غطت 80% من جسدها.
أدت هذه الواقعة إلى حدوث ردة فعل قوية من السلطات، فعملت على هدم أسس النازيين الجدد، بما فيها جماعة Blood & Honor Combat 18، التي هاجمت سكنًا للغجر عام 2011. في المقابل، ارتكب الغجر الكثير من جرائم الكراهية الفردية أو الصغيرة بحق مجموعات من العرقية التشيكية.
موجة كراهية ضد المسلمين
مع بدء أزمة الهجرة في عام 2015، ظهر إلى العلن مجموعة جديدة من مجموعات التطرف اليميني، لكن بشكل محدود نسبيًا. مع ذلك، أثار النمو الهائل في خطاب الكراهية والتهديدات الموجهة للمعارضين السياسيين على شبكات الإنترنت القلق من وجهة نظر ديمقراطية، فسادت المظاهر المعادية للإسلام، على الرغم من أن جمهورية التشيك هي موطن لأكثر من 20 ألف مسلم.
ففي صيف 2017، أقدم ناشط ضد الإسلام يبلغ من العمر 70 سنة، بوضع جذور الأشجار على السكك الحديدية، في محاولة لعرقلة القطارات، ما ألحق أضرارًا قليلة في عربات القطار، ولم يصب أحد بأذى، ثم كتب العديد من الشعارات باللغة العربية الضعيفة في موقع الحادث، بهدف التحريض على الكراهية ضد المسلمين.
التهديد الإسلامي
هناك تهديد إسلامي متطرف في جمهورية التشيك؛ ففي عام 2017، أتهم شاب سلوفاكي بالتحضير لهجوم إرهابي في براغ. ووفقًا لدائرة المعلومات الأمنية، فإن حوالي 10 مقاتلين أجانب من الأراضي التشيكية يقاتلون مع تنظيم “الدولة الإسلامية” وجبهة النصرة والمنظمات التي خلفتها، أو مجموعات أخرى في سوريا والعراق.
إحدى الحالات التي وصلت إلى المحكمة تعود إلى الإمام السابق سامر شحادة من براغ، الذي أتهم بمساعدة أخيه وامرأة تشيكية بالانضمام إلى جماعة “فتح الشام” في سوريا. وفي عام 2017، حكم على شاب تشيكي بالسجن لمحاولته الانضمام إلى داعش.
بالإضافة إلى ذلك، تعد الجمهورية التشيكية منطقة هامة من ناحية سفر المقاتلين الأجانب بين أوروبا الغربية والشرق الأوسط، ولطرق الهجرة من البلقان وأوروبا الشرقية إلى أوروبا الغربية.
أسباب أخرى للتطرف
قد يؤدي الاستقطاب في المجتمع ومواقف السكان القوية ضد الاتحاد الأوروبي -غالبيتها بسبب سياسة الهجرة الأوروبية، والخلافات حول العلاقات مع روسيا والصين- إلى وقوع حوادث عنف مستقبلًا.
في السياق ذاته، يمكن ربط حالات العنف الفردية في البلاد، بالتطرف اليساري أو البيئي أو القومي، كما أن النزاع الكردي التركي العنيف لا يستبعد تأثيره في الأراضي التشيكية.
في الآونة الأخيرة، أولت الحكومة اهتمامًا كبيرًا للتطرف المحتمل لأفراد المجتمع المسلمين. يرتبط هذا التهديد بسياسة الجمهورية التشيكية التقليدية الموالية لـ”إسرائيل” والسياحة اليهودية والغربية.
قد يكون الوضع العام للجمهورية التشيكية “هادئ” بالمقارنة مع مستويات العنف المرتفعة في بعض مناطق أوروبا الوسطى، كألمانيا والنمسا وبولندا، إلا أن التوترات ما بين أفراد المجتمع، وظهور الجماعات الإرهابية، يمكن أن تؤدي إلى وقوع أحداث عنيفة وخطيرة في المستقبل، وهذا ما دفع الجمهورية لتطوير قدراتها في وجه التطرف.
النص كاملًا متوفر باللغة الإنجليزية هنا